معا لأنه قد أتلف منفعة زمانين فكان بمنزلة ما لو أتلف منفعة يومين مسألة منفعة البضع لا تضمن بالفوات تحت اليد بل بالاتلاف فلو غصب جارية غيره وبقت في يده مدة لم يطأها لم يلزمه أجرتا عن البضع ولا مهر ولا عقر بل اجرة الخدمة الفايتة خاصة وان لم يستخدمها والفرق بين منفعة البضع وساير المنافع ان اليد لا تثبت على منفعة البضع الا ترى ان السيد يزوج الأمة المغصوبة ولا يوجرها كما لا يبيعها لان يد الغاصب حايلة بين المستأجر والمشتري وبين الجارية ولو تداعى اثنان نكاح امرأة يدعيان عليها ولا يدعى أحدهما على الأخر وإن كانت عنده ولو أقرت لأحدهما حكم بأنها منكوحته وذلك يدل على أن اليد لها وأيضا فان منفعة البضع تستحق استحقاق ارتفاق للحاجة وساير المنافع يستحق استحقاق مالك تام الا ترى ان من ملك منفعة الاستيجار ملك نقلها إلى غيره بالعوض بان يوجر وبغير العوض بان يعير والزوج المستحق لمنفعة البضع لا يملك نقلها لا بعوض ولا بغير عوض واما إذا فوت منفعة البضع بالوطي ضمن مهر المثل مسألة منفعة بدن الحر يضمن بالتفويت لا بالفوات فلو مهر حرا واستعمله في شغل ضمن اجرته لأنه استوفى منافعه وهي متقومة فلزمه ضمانه كما لو استوفي منافع العبد ولو حبسه مدة لمثلها اجرة وعطل منافعه فالأقوى انه لا يضمن الأجرة لان منافعه تابعة لما لا يصح غصبه فأشبهت ثيابه إذا تلفت عليه واطرافه؟
ولان منافعه في يده لان الحر لا يدخل تحت العبد فمنافعه تفوت تحت يده فلم يجب ضمانها بخلاف الأموال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يضمنها لان منافعه يتقوم بالعقد الفاسد فأشبهت منافع الأموال فقد فوقها بحبسه فضمنها كمنافع العبد إما لو منعه عن العمل من غير حبس فإنه لا يضمن منافعه وجها واحدا لأنه لو فعل ذلك بالعبد لم يضمن منافعه فالحر أولي ولو حبس الحر فمات عنده لم يضمنه لأنه ليس بمال ولو حبسه وعليه ثياب لم يلزمه ضمانها لان يد الحر عليها والغاصب لا يثت يده عليه فلا يثبت على ما يده ولا فرق بين ان يكون صغيرا أو كبيرا وهذا كمذهب أبي حنيفة والشافعي مسألة لو استأجر حرا ففي جواز ايجاره اشكال وكذا الاشكال لو استأجره مدة العمل فسلم المستأجر نفسه فلم يستعمله المستأجر حتى انقضت المدة التي استأجره فيها ممكنا من نفسه هل تقرر اجرته وأكثر الشافعية قالوا له ان يوجره ويتقرر اجرة الأجير بالتمكين وان لم يستعمله المستأجر ومنع الحكمين القفال منهم فقال ليس لمستأجر الأجير ان يوجره ولا يتقرر اجرة الأجير على المستأجر الا بالاستعمال لا بانقضاء مدة العمل مع التمكين لان الحر لا يدخل تحت اليد ولا تحصل منافعه في يد المستأجر وضمانه الا عند وجودها ولم يختلفوا في عدم دخول الحر تحت اليد بل الأكثر جوزوا ايجاره وقرروا اجرته للحاجة والمصلحة تذنيب لو نفل حرا صغيرا أو كبيرا من موضع إلى موضع اخر بالقهر فإن لم يكن له غرض في الرجوع إلى موضع الأول فلا شئ عليه فإن كان فاحتاج إلى مؤنة فهي على الناقل لتعديه على اشكال مسألة قد بينا ان منافع الكلب الذي يجوز اقتناؤه وله قيمة في نظر الشرع مضمونة على الغاصب وللشافعية وجهان مبنيان على جواز استيجاره واما الصيد الذي صاره الغاصب بالكلب المغصوب فإنه للغاصب وهو أظهر قولي الشافعية لان الغاصب هو الصايد والكلب آلة في الصيد ولهذا يكتفي بتسميته عند ارساله والثاني انه للمالك كصيد العبد واكتسابه لأنه من كسب ماله فأشبه صيد العبد وكسبه والوجه الأول لما قلنا من أنه آلة بخلاف العبد لان له فعلا مستقلا برأيه ولا فرق بين الكلب في ذلك وبين السهم والقوس والشبكة فإنها آلات لا يتحقق ملك الصيد لأربابها بل للصايد بها وكذا الكلب وحكم باقي جوارح الصيد كالفهد والبازي المغصوب حكم الكلب والخلاف فيهما كالخلاف فيه ولبعض العامة في القوس والسهم والشبكة إذا غصب شيئا منها فاصطاد به وجهان والوجه ما قلناه من أنه للصياد لان الصيد حصل بفعله وهذه آلات فأشبه ما لو ذبح بسكين غيره قالوا إنه لصاحب القوس والسهم والشبكة لأنه حاصل به فأشبه نماء ملكه وكسب عبده وليس بجيد لان الحصول من الغاصب لا من الآلة إذا ثبت هذا فان الغاصب يجب عليه أجرة المثل للكلب وآلات الجوارح والقوس وباقي آلات الصيد مسدة مقامه في يده وعلى الوجه الثاني للشافعية ان الصيد للمالك ففي وجوب الأجرة لزمان الاصطياد وجهان أحدهما انه لا يجب لأنه إذا كان الحاصل له كانت المنافع منصرفة إليه فلم يتحقق تفويت الغاصب لها على مالكها والاجر انما هو في مقابلة المنافع والمنافع في هذه المدة عايدة على مالكها فلم يستحق عوضا على غيره كما لو زرع ارض انسان فاخذ المالك الزرع بمنفعته والثاني عليه أجرة المثل لأنه استولى على منافعه فأشبه ما لو لم يصد شيئا ولان المالك ربما كان يستعمله في غير ما اشتغل به فلا تدخل الأجرة فيما اكتسبه مسألة إذا غصب عينا فنقصت كان الغاصب ضامنا للنقصان ويجب مع الأرش الأجرة سواء كان النقص بسبب غير الاستعمال كما لو غصب ثوبا أو عبدا فانتقصت قيمته بآفة سماوية كسقوط يد العبد بمرض أو كان النقص بسبب الاستعمال كما إذا لبس الثوب فأبلاه والأجرة الواجبة قبل حدوث النقصان اجرة مثله سليما ولما بعده اجرة مثله معيبا لان كل واحد من نقص الجزء ومضى المدة إما مع الاستعمال أو بدونه موجب لعوضه فإذا اجتمعا وجبا معا كما لو بقى في يده مدة ثم تلفت وفصل الشافعية هنا فقالوا إن كان النقص بسبب غير الاستعمال كما لو سقطت يد العبد بآفة سماوية أو نقص الثوب بنشره؟ وجب له الأرش مع الأجرة والأجرة الواجبة لما قبل حدوث النقص اجرة مثله سليما ولما بعده اجرة مثله معيبا وإن كان النقص بسبب الاستعمال فوجهان أصحهما عندهم انهما يجبان أيضا كما لو حصل النقصان بسبب اخر والثاني انه لا يجب الا الأكثر الامرين من أجرة المثل أو أرش النقصان لان النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل الاستعمال بالأجرة فلا يجب له ضمان اخر ونحن نمنع ذلك فان الأجرة لم تجب للاستعمال وانما يجب لفوات المنفعة على المالك الا ترى انها تجب وان لم يستعمل فاذن لا يحب ضمان لشئ واحد وكذا تجب الأجرة وان لم تفت الاجراء وان لم يكن للمغصوب اجرة كثوب غير مخبط ولا اجرة له على الغاصب وعليه ضمان نقصه لا غير مسألة إذا غصب عينا فتعذر ردها كعبد ابق أو دابة شردت أو غصبت منه ولم يتمكن من استخلاصها وجب عليه دفع القيمة إلى المالك على ما يأتي انشاء الله للحيلولة بين المالك وعينه وتلزمه أجرة المثل للمدة التي مضت قبل بذل القيمة وهل يلزمه الأجرة لما بعدها الأقرب الوجوب لان حكم الغصب باق وانما وجبت القيمة للحيلولة فيضمن الأجرة لفوات المنفعة ولأن العين باقية على ملكه والمنفعة له وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يجب الأجرة لان القيمة المأخوذة نازلة منزلة المغصوب فكان المغصوب إليه ولأنه استحق الانتفاع ببدله الذي أقيم مقامه حق الانتفاع به كساير ما عداه والوجهان جاريان في أن الزوايد الحاصلة بعد رفع القيمة هل يكون مضمونة على الغاصب وفي انه هل يلزمه مؤنة ردها وفي ان جناية الآبق في اباقه هل يتعلق ضمانها بالغاصب ولو غيب الغاصب العبد المغصوب إلى مكان بعيد وعسر رده وغرم القيمة طرد بعض الشافعية الخلاف في الأحكام المذكورة فيه ومنهم من قطع بوجوب الأجرة وثبوت ساير الأحكام والفرق ان من عينه باختياره فهو باق في يده وتصرفه فلا تنقطع علايق الضمان بخلاف الآبق الفصل الرابع في الواجب قد عرفت ان الأعيان إما مثلية أو غير مثلية فهنا بحثان الأول المثلي مسألة كل من غصب شيئا وجب عليه رده على المالك سواء طالب المالك برده أو لا ما دامت العين