يمكنه الاتيان بالكل لكثرتها فعندنا يجوز له التوكيل ولا نعلم فيه مخالفا وله ان يوكل فيما يزيد على قدر الامكان قطعا وفي قدر الامكان اشكال أقربه ذلك أيضا لان الوكالة اقتضت جواز التوكيل فيه فجازت في جميعه كما لو اذن له في التوكيل فيه بلفظ وللشافعية ثلاثة طرق أصحها عندهم انه يوكل فيما يزيد على قدر الامكان وفي قدر الامكان وجهان أحدهما يوكل فيه أيضا لأنه ملك التوكيل في البعض فيوكل في الكل كما لو أذن صريحا وأصحهما عندهم انه لا يوكل في القدر المقدور عليه لأنه لا ضرورة إليه بل يوكل في الزايد خاصة لان التوكيل انما جاز لأجل الحاجة فاختص بما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود اذنه فيه لأنه مطلق والثاني انه لا يوكل في قدر الامكان وفيما يزيد عليه وجهان والثالث اطلاق الوجهين في الكل قال الجويني والخلاف على اختلاف الطرق نظرا إلى اللفظ أو القرينة وفي القرينة تردد في التعميم والتخصيص الثالث ما عدا هذين القسمين وهو ما امكنه فعله بنفسه ولا يرتفع عنه فقد قلنا إنه لا يجوز ان يوكل فيه الا بإذن الموكل لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه اذنه فلم يجز كما لو نهاه لان التوكيل استيمار فإذا استأمره فيما يمكنه النهوض به لم يكن له ان يوليه من لم يأتمنه عليه كالوديعة وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى يجوز له ان يوكل وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب لان الوكيل له ان يتصرف بنفسه فملكه نيابة للموكل الأول أولي ولا يشبه الوكيل المالك فان المالك يتصرف في ملكه كيف شاء بخلاف الوكيل لا يقال للوصي ان يوكل وإن كان الموصى لم يأذن له في التوكيل لأنا نقول إن الوصي يتصرف بولاية لأنه يتصرف فيما لم ينص له على التصرف فيه والوكيل لا يتصرف الا فيما نص له عليه كذلك التوكيل ولان الوصي لا يملك ان يوصى إلى غيره كذا أيضا الوكيل ينبغي ان لا يملك ان يوكل غيره أما إذا اذن له الموكل في التوكيل فإنه يجوز له ان يوكل لان التوكيل عقد اذن له فيه فكان كما لو اذن له في البيع مسألة إذا وكله بتصرف وقال له افعل ما شئت لم يقتض ذلك الاذن في التوكيل لان التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه وقوله اصنع ما شئت لا يقتضى التوكيل بل يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه وهذا أصح قولي الشافعية وفي الثاني انه له التوكيل وبه قال احمد واختاره الشيخ رحمه الله في الخلاف لأنه اطلق الاذن بلفظ يقتضي العموم في جميع ما شاء فيدخل في عمومه التوكيل وهو ممنوع مسألة كل وكيل جاز له التوكيل فليس له ان يوكل الا أمينا لأنه لا نظير للموكل في توكيل من ليس بأمين فيفيد جواز التوكيل فيما فيه الحظ والنظر كما أن الاذن في البيع يفيد البيع بثمن المثل الا ان يعين له الموكل من يوكله فيجوز سواء كان أمينا أو لم يكن اقتصارا على من نص عليه المالك ولان المالك قطع نظره بتعيينه ولو وكل أمينا فصار خائنا فعليه عزله لان تركه يتصرف في المال مع خيانته تضييع وتفريط على المالك والوكالة يقتضي استيمان امين وهذا ليس بأمين فوجب عزله وللشافعية وجهان في أنه هل له عزله مسألة إذا اذن له ان يوكل فاقسامه ثلاثة الأول أن يقول له وكل عن نفسك ففعل كان الثاني وكيلا للوكيل ينعزل بعزل الأول إياه لأنه نايبه وهو أحد قولي الشافعية والثاني لا ينعزل لان التوكيل فيما يتعلق بحق الموكل حق الموكل وانما حصله بالاذن فلا يرفعه الا بالاذن ويجري هذا الخلاف في انعزاله بموت الأول وجنونه والا صح الانعزال ولو عزل الموكل الأول انعزل وفي انعزال الثاني بانعزاله هذا الخلاف بين الشافعية ولو عزل الأول الثاني فالأقرب الانعزال لأنه وكيله وهو أصح وجهي الشافعية كما ينعزل بموته وجنونه والثاني لا ينعزل لأنه ليس بوكيل بجهته والأصل في ذلك ان الثاني وكيل الوكيل كما صرح في التوكيل أو وكيل الموكل ومعنى كلامه أقم غيرك مقام نفسك والأصح انه وكيل الوكيل لكن إذا كان وكيل الوكيل كان فرع الفرع كان فرع أصل الأصل فينعزل بعزله الثاني لو قال وكل عني فوكل عن الموكل فالثاني وكيل للموكل كما أن الأول وكيل الموكل وليس لأحدهما عزل الأخر ولا ينعزل أحدهما بموت الأخر ولا جنونه وانما ينعزل أحدهما بعزل الموكل فأيهما عزل انعزل الثالث لو قال وكلتك بكذا وأذنت لك في توكيل من شئت أو في أن توكل وكيلا أو في أن توكل فلانا ولم يقل عني ولا عن نفسك بل اطلق فللشافعية وجهان أحدهما انه كالصورة الأولى وهو ان يكون وكيلا عن الوكيل لان المقصود من الاذن في التوكيل تسهيل الامر على الوكيل وأصحهما عندهم انه كالصورة الثانية يكون وكيلا عن الموكل لان التوكيل تصرف يتولاه بإذن الموكل فيقع عنه وإذا جوزنا للوكيل ان يوكل في صورة سكوت الموكل عنه فينبغي ان يوكل عن موكله ولو وكله عن نفسه فللشافعية وجهان لان القرينة المجوزة للتوكيل كالاذن في مطلق التوكيل مسألة يجوز للوصي ان يوكل وان لم يفوض الموصى إليه ذلك بالنصوصية لأنه يتصرف بالولاية كالأب والجد لكن لو منعه الموصي من التوكيل وجب ان يتولى بنفسه وليس له ان يوكل حينئذ لقوله تعالى فمن بدله الآية ويجوز للحاكم ان يوكل عن السفهاء والمجانين والصبيان من يتولى الحكومة عنهم ويستوفي حقوقهم ويبيع عنهم ويشتري لهم ولا نعلم فيه خلافا البحث الثالث في الوكيل مسألة كما يشترط في الموكل التمكن من مباشرة تصرف الموكل فيه بنفسه يشترط في الوكيل التمكن من مباشرته لنفسه وذلك بان يكون صحيح العبارة فيه فلا يصح للصبي ولا للمجنون ان يكونا وكيلين في التصرفات سواء كان الصبي مميزا أو لا وسواء بلغ عشر سنين أو خمسة أشبار أو لا وسواء كان في المعروف أو لا وعلى الرواية المسوغة تصرفات الصبي إذا بلغ عشر سنين في المعروف والوصية يحتمل جواز وكالته فيما يملكه من ذلك لكن المعتمد الأول ولو جن الوكيل أو الموكل أو أغمي على أحدهما بطلت الوكالة لخروجه حينئذ عن التكليف وسقوط اعتبار تصرفه وعبارته في شئ البتة وقد استثنى في الصبي الاذن في الدخول إلى دار الغير والملك في ايصال الهدية وفي اعتبار عبارته في هاتين الصورتين للشافعية وجهان فان جاز فهو وكيله من جهة الآذن والمهدى فإذا قلنا إن تجويزهما على سبيل التوكيل فلو انه وكل غيره فيه فقياس (مذهب) الشافعية انه على الخلاف في أن الوكيل هل يوكل فان أجاز لزم ان يكون الصبي أهلا للتوكيل أيضا وقال أبو حنيفة واحمد يجوز ان يكون الصبي وكيلا في البيع والشراء وغير ذلك من أنواع التصرفات إذا كان يعقل ما يقول ولا يحتاج إلى اذن وليه لأنه يعقل ما يقول فجاز توكيله كالبالغ وهو غلط لأنه غير مكلف فلا يصح تصرفه كالمجنون والفرق بينه وبين البالغ ظاهر فان البالغ مكلف بخلافه إذا عرفت هذا فيستحب ان يكون الوكيل تام البصيرة فيما لو وكل له عارفا باللغة التي يحاور بها مسألة يجوز للمرأة ان يتوكل في عقد النكاح ايجابا وقبولا عندنا لان عبارتها في النكاح معتبرة بخلاف المحرم فإنه لا يجوز ان يتوكل فيه ايجابا ولا قبولا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يجوز للمرأة أن تكون وكيلة في النكاح ايجابا ولا قبولا كالمحرم لأنهما مسلوبا العبارة في النكاح فلا يتوكلان فيه كما لا يوكلان ونحن نمنع ذلك في النكاح على ما يأتي ويجوز توكيل المطلقة الرجعية في رجعة نفسها وتوكيل امرأة أخرى خلافا للشافعية لان الفرج عندهم لا يستباح بقول النساء ومنعوا من توكيل المرأة في الاختيار للنكاح إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة وكل هذا عندنا جايز وكذا يجوز توكيل المرأة في الاختيار للفراق لما زاد على أربع وللشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه يتضمن اختيار الأربع للنكاح مسألة يجوز تعدد الوكيل في الشئ الواحد و (وحدته) ولا نعلم فيه خلافا فإذا وكل اثنين في تصرف بان جعل لكل واحد منهما الانفراد بالتصرف فله ذلك لأنه مأذون له فيه وان منعه من الانفراد لم يكن له التفرد وان اطلق فكذلك لا ينفرد أحدهما لأنه لم يأذن له في ذلك وانما يتصرف فيما
(١١٦)