في المغارس ويدخل في رهن الأشجار الأغصان والأوراق وبه قال الشافعي أما التي تفصل غالبا كأغصان الخلاف وورق الآس والفرصاد فيها قولان له كالقولين في الثمار التي لم تؤبر. مسألة: لا يدخل الجنين تحت رهن الام الحامل وهو أحد قولي الشافعي لعدم شمول الاسم له وكما في البيع عندنا والجنين عند الشافعي أولى بالاندراج كالثمرة غير المؤبرة تحت الشجرة لان الحمل لا يقبل التصرف على الافراد فبالحري له ان يكون تبعا وأما اللبن في الضرع ففي دخوله اشكال وللشافعية طريقان أحدهما القطع بأنه لا يدخل والمشهور انه على الخلاف ثم هو عند بعضهم في مرتبة الجنين وعند آخرين في مرتبة الثمار لتيقن وجوده وسواء ثبت الخلاف أم لا فالظاهر أنه لا يدخل في الرهن والأقرب دخول الصوف على ظهر الحيوان لأنه كالجزء من الحيوان فدخل تحت رهنه وللشافعية طريقان أحدهما القطع بدخوله كالاجزاء والأعضاء وأظهرهما انه على قولين أحدهما لدخول كالأغصان والأوراق في رهن الشجرة وأصحهما المنع كما في الثمار لان العادة فيه الجز ونقل بعضهم بدل القولين وجهين وزاد وجها آخر ثالثا هو الفرق بين القصير الذي لا يعتاد جزه وبين المنتهي إلى حد الجز. مسألة: لو كان في يده حق أو خريطة فقال رهنتك هذا الحق بما فيه أو الخريطة وما فيها معلوم وما فيها صح الرهن اجماعا في الظرف والمظروف وإن كان ما فيهما مجهولا لم يصح الرهن قطعا في المظروف خاصة للجهالة على اشكال وبه قال الشافعي وهل يصح الرهن في الظرف أما عندنا فنعم وأما عند الشافعي ففيه قولان تفريق الصفقة ولو قال رهنتك هذا الحق دون ما فيه صح الرهن فيه قطعا ولو قال رهنتك هذا الحق وأطلق صح الرهن فيه خاصة دون ما فيه وأما الخريطة فإذا قال رهنتك هذه الخريطة بما فيها لم يصح مع الجهالة (فيما) فيها للجهل به ويصح فيها خاصة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يصح ومبنى الخلاف تفريق الصفقة ولو قال رهنتكها دون ما فيها صح الرهن فيها خاصة كالحق وقال الشافعي لا يصح فيها أيضا لأن الظاهر أنها لا يقصد وانما يقصد ما فيها بخلاف الحق قال أصحابه ولو كانت الخريطة مما يقصد لكثرة قيمتها كانت كالحق ولو كان الحق لا قيمة له مقصورة لم يصح رهنه كالخريطة إذا لم يكن لها قيمة مقصودة ولو قال رهنتك هذا الظرف دون ما فيه صح رهنه وإن كانت قيمته قليلة لأنه إذا أفرده فقد وجه الرهن نحوه وجعله المقصود وان رهن الظرف ولم يتعرض لما فيه نفيا واثباتا فإن كان بحيث يقصد بالرهن وحده فهو المرهون لا غير وإن كان لا يقصد منفردا لكنه متمول فالمرهون الظرف وحده لأصالة عدم رهن غيره وللشافعية وجهان أحدهما هذا والثاني أنه يكون رهنا مع المظروف ولو لم يكن متمولا فللشافعية وجهان أحدهما توجه الرهن إلى المظروف والثاني ان يلغى البحث الثاني: في العاقد. مسألة: يشترط في المتعاقدين التكليف والاختيار والقصد وانتفاء الحجر عنه بسفه أو فلس فلا يصح رهن الصبي ولا المجنون المطبق ولا من يعتوره حالة الجنون ايجابا وقبولا ولا المكره ولا الغافل ولا الساهي ولا النائم ولا المغمى عليه ولا السكران ولا العابث ولا الهاذل سواء في ذلك كله الايجاب والقبول ولا بد ان يكون الراهن غير محجور عليه بالسفه أو الفلس لأنهما ممنوعان من التصرف في أموالهما ولا اعتبار باختيارهما مع أن عقد الرهن والتسليم لا يكون واجبا وانما يكون إلى اختيار الراهن فإذا لم يكن له اختيار لم يصح منه ولان الرهن تبرع فان صدر من أهل التبرع فلا كلام والا فلابد من قايم يقوم مقام المالك ويشترط وقوعه على وفق المصلحة والاحتياط فإذا رهن الولي مال الصبي والمجنون والسفيه أو ارتهن لهم فلا بد من اعتبار مصلحتهم والاحتياط وذلك مثل ان يشتري للطفل ما يساوي مأتين بمائة نسيئة ويرهن به ما يساوي مائة من مال الطفل فان ذلك جايز لأنه ان لم يعرض تلف ففيه غبطة ظاهرة وان تلف الرهن كان في المشتري ما يجبره ولو لم يرض البايع الا برهن يزيد قيمته على المائة فإن كان الرهن بما لا يخشى تلفه في العادة كالعقار جاز رهنه لما فيه من تحصيل الغبطة والمنفعة للصبي الخالية عن توهم التلف وظاهر مذهب الشافعي المنع من هذه المعاملة ولو كان الرهن مما يخشى تلفه فالأقوى الجواز في موضع يجوز ايداعه ومنع الشافعي من ذلك لان الرهن يمنع من التصرف وربما يتلف ويتضرر به الطفل ولو كان الزمان زمان نهب أو وقع حريق وخاف الولي على مال الطفل فله ان يشتري عقارا ويرهن بالثمن شيئا من ماله إذا لم يتهيأ أداؤه في الحال ولم يبع صاحب العقار عقاره الا بشرط الرهن لأنه يجوز في مثل هذه الحالة ايداع المال ممن لا يهتدى النهب إلى ما في يده فهذا الرهن أولى ولو استقرض له شيئا والحال هذه لم يجز لأنه يخاف التلف على ما يستقرضه خوفه على ما يرهنه ولو لم يجد الولي من يأخذ المال وديعة ووجد من يأخذه رهنا وكان المرهون أكثر قيمة من القرض جاز له الرهن. مسألة: يجوز للولي ان يستقرض للطفل لحاجته إلى النفقة والكسوة أو لتوفية ما لزمه أو لاصلاح ضياعه ومرمتها وعمارة أبنيته أو إخراج ما يحتاج ارتفاع الغلات فيه أو لحلول ماله من الدين المؤجل ولنفاق متاعه الكاسد فإن لم يرتقب شيئا من ذلك فبيع ما يقدر رهنه أولى من الاستقراض فان تعذر البيع استقرض ورهن من مال الطفل بحسب المصلحة وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يجوز للولي رهن ماله بحال من الأحوال وكذا يجوز ان يرتهن للطفل بان يتعذر على الولي استيفاء دين الصبي فيرتهن به إلى وقت الاستيفاء ولو كان له دين مؤجل إما بان ورثه كذلك أو بان باع الولي ماله نسيئة بالغبطة فيجوز له حينئذ الارتهان للصبي ولو كان المشتري مؤسرا لم يكتف الولي به بل لابد من الارتهان بالثمن ولو لم يحصل أو حصل أو حسن الظن بيساره وأمانته أمكن البيع نسيئة بغير رهن كما بجوز ايضاع مال الطفل وإذا ارتهن على الثمن جاز ان يرتهن على جميعه وهو الاظهر من مذهب الشافعية ولهم وجه اخر انه لابد ان يستوفي ما يساوي المبيع نقدا وانما يرتهن ويؤجل بالنسبة إلى الفاضل والمعتمد الأول. مسألة: يجوز للولي اقراض مال الطفل مع المصلحة بان يخاف تلفه بنهب أو حريق وكذا يبيعه ويرتهن بالقرض أو ثمن المبيع للطفل شيئا حفظا لماله من النهب والحريق وهو قول أكثر الشافعية ولهم قول آخر ان الولي أن لا يرتهن للطفل إذا كان المرهون مما يخاف تلفه لأنه قد يتلف ويرفع (الأولى)؟ الحاكم يرى سقوط الدين يتلف الرهن والوجه الأول وحيث يجوز للولي الرهن فالشرط ان يرهن من امين يجوز الايداع منه ولا فرق بين الأولياء في ذلك سواء الأب والجد للأب والوصي والحاكم وأمينه وحيث يجوز الرهن والارتهان فللأب والجد ان يعاملا نفسهما ويتوليا طرفي العقد للوثوق بشفقتهما وهل لغيرهم ذلك منع منه الشافعية وليس بقوي. مسألة: يحوز للمكاتب ان يرهن ويرتهن مع المصلحة والغبطة لانقطاع تصرف المولى عنه ولكن يشترط النظر والمصلحة كما في الطفل وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز الرهن استقلالا ومع إذن السيد قولان بناء على أن الرهن تبرع وللشافعية وجه آخر انه لا يجوز له الاستقلال بالبيع نسيئة بحال وهو المشهور عندنا ومع إذن السيد يجوز عندنا وللشافعي مع الاذن قولان أما المأذون فان دفع إليه السيد مالا ليتجر فيه فهو كالمكاتب الا في وجهين أحدهما ان رهنه أولى بالمنع من رهن المكاتب لان الرهن ليس من عقود التجارات وشبهه الجويني بإجارة الرقاب وفي نفوذها منه خلاف بين الشافعية والثاني ان له البيع نسيئة بإذن السيد اجماعا لأنه مال السيد فيكون تصرف المأذون فيه بإذن المولى في الحقيقة تصرف المولى في ماله ولو قال له مولاه أتجر بجاهك ولم يدفع إليه مالا فله البيع والشراء في الذمة حالا ومؤجلا وكذا الرهن والارتهان لانتفاء الضرر فيه على المولى فان فضل في يده ما كان للمولى ويكون حكمه حكم ما لو دفع إليه المولى مالا. مسألة: يشترط في الراهن ان يكون مالكا للرهن أو في حكم المالك بان يكون مأذونا له في الرهن لأنه تصرف في مال الغير فلا يجوز الا بإذن المالك إما من جهة المالك كالمستعير للرهن أو من جهة الشرع كولي الطفل فان له ان يرهن على ما تقدم إذا عرفت هذا فإذا استعار عبدا من غيره ليرهنه على دينه الذي عليه فرهنه صح قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا استعار من الرجل شيئا ليرهنه على دنانير
(١٤)