كالضمان يصح أن يضمن الضامن الحق ويضمن ثان عن الضامن ويضمن عن ضامن الضامن ضامن اخر وهكذا فإذا أحضر عن الكفيل الأول من عليه الحق برئ وبرئ الكفيلان الآخران لأنهما فرعاه وإن أحضر الكفيل الثاني الكفيل الأول برئ برئ الثالث لأنه فرعه ولم يبرء الأول ولا من عليه الحق فان مات من عليه الحق فعندنا وعند الشافعي يبرأ الكفلاء الثلاثة ولا شئ عليهم وإن مات الكفيل الأول برئ الكفيلان الآخران وان مات الثاني برئ الثالث دون الأول وإن مات الثالث لم يبرء الأولان مسألة إذا مات المكفول به بطلت الكفالة ولم يلزم الكفيل شئ عند علمائنا وبه قال شريح والشعبي وحماد ابن أبي سليمان وأبو حنيفة والشافعي واحمد لأنه تكفل ببدنه على أن يحضره وقد سقط الحضور عن المكفول فيبرئ الكفيل كما لو برئ من الدين ولان ما التزمه به من اجله يسقط عن الأصيل فيبرأ الفرع كالضامن إذا قضى المضمون عنه كالدين أو أبرء منه عندهم ولأنه تكفل ببدنه فلا يلزمه ما في ذمته كما لو غاب غيبة منقطعة ولأنه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمته أولى وقال مالك والحكم والليث يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمته وبه قال ابن شريح من الشافعية لان الكفيل وثيقة على الحق فإذا تعذر استيفاء الحق ممن هو عليه استوفى من الوثيقة كالرهن والفرق ظاهر فإن الرهن تعلق بالمال فاستوفى منه وقال بعض الشافعية تبطل الكفالة ولا ينقطع طلب الاحضار عن الكفيل وهو أصح قولي الشافعية عندهم بل عليه احضاره ما لم يدفن وقلنا بتحريم النبش لاخذ المال إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته كما لو تكفل ابتداء ببدن الميت وليس بجيد لان الكفالة على الاحضار انما يفهم منها احضاره حال الحياة وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال فيحمل الاطلاق عليه وعلى قول ابن شريح ومالك هل يطالب بالدين أو بالأقل من الدين ودية المقتول وجهان مبنيان على القولين في أن السيد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقل من الأرش وقيمة العبد البحث الثالث في الاحكام مسألة إذا كانت الكفالة حالة أو مؤجلة وحل اجلها فإن كان المكفول به حاضرا وجب على الكفيل احضاره إذا طلبه المكفول له فان احضره وإلا حبس وإن كان غائبا فإن كان موضعه معلوما يمكنه رده منه امهل الكفيل بقدر ذهابه ومجيئه فإذا مضى قدر ذلك ولم يأت به من غير عذر حبس ولا يحبس في الحال وبه قال عامة أهل العلم وقال ابن شبرمة يحبس في الحال لان الحق توجه عليه وهو غلط لان الحق وإن كان قد حل فإنه يعتبر فيه امكان التسليم وانما يجب عليه احضار الغائب عند امكان ذلك وإن كان غايبا غيبة منقطعة والمراد منها ان لا يعرف موضعه وينقطع خبره لم يكلف الكفيل احضاره لعدم الامكان ولا شئ عليه لأنه لم يكفل المال وبه قال الشافعي وقال احمد يجب عليه المال مع أنه قال إذا مات المكفول برئ الكفيل ولا شئ عليه فروع أ: لو عرف موضعه فقد بينا أنه يجب عليه احضاره سواء كان على أزيد من مسافة القصر أو أنقص وقال بعض الشافعية إن كان دون مسافة القصر فعليه احضاره ويمهل مدة الذهاب والاياب ليتبعه وإن كان على مسافة القصر فوجهان أظهرهما عندهم أنه كما لو كان دون مسافة القصر كما لو كان المديون غايبا إلى هذه المسافة يؤمر باحضاره والثاني انه لا يطالب باحضاره الحاقا لهذه الغيبة بالغيبة المنقطعة كما لو غاب المولى أو شاهد الأصل إلى مسافة القصر يكون كما لو غاب غيبة منقطعة ب لو كان غائبا حين كفل فالحكم في احضاره كما لو غاب بعد الكفالة ج لو كانت الكفالة مؤجلة لم يكن للمكفول له مطالبة الكفيل بالاحضار قبل الاجل سواء كان عليه مؤنة في التقديم أو لا ولو دفعه قبل الاجل لم يجب على المكفول له أخذه سواء كان عليه ضرر في أخذه أو انتفى الضرر وقال بعض العامة إذا انتفى الضرر وجب عليه اخذه وليس بمعتمد د لو فرط الكفيل في تحصيله بان طالبه المكفول له باحضاره وكان متمكنا منه فهربه أو ماطل باحضاره حتى غاب غيبة منقطعة ولم يعرف له خبر فان أوجبنا المال وجب هنا والا فاشكال مسألة قال الشيخ رحمه الله ومن ضمن لغيره نفس انسان إلى أجل معلوم بشرط ضمان ثم لم يأت به عند الاجل كان للمضمون له حبسه حتى يحضر المضمون أو يخرج إليه مما عليه وهذا يقتضي وجوب أحد الامرين على الكفيل الاحضار أو الأداء فان طلب المكفول له بالاحضار لا غير فالأقرب عندي إلزامه به لأنه قد يكون له غرض لا يتعلق بالأداء وقد يرغب المكفول له في القبض من غير الغريم وعلى ظاهر كلام الشيخ يبرأ الكفيل بأداء المال إذا عرفت هذا فإذا أدى الكفيل المال فإن كان قد كفل باذنه أو أدى باذنه كان له الرجوع عليه بخلاف ما قلنا في الضمان انه لو ضمن متبرعا وأدى بالاذن لم يكن له الرجوع لان الكفالة ليست بالمال فيكون حكمه حكم الأجنبي إذا أدى بإذن من عليه الدين كان له الرجوع على ما تقدم إن شرط الرجوع أو مطلقا على الخلاف وانما أوجبنا الرجوع هنا فيما إذا كفل باذنه لان الاذن بالكفالة اذن في لوازمها ومن لوازمها الأداء مع عدم الاحضار إذا ثبت هذا فان تمكن من الاحضار وأدى المال من غير حبس أو معه فالأقرب انه لا يرجع وان كفل باذنه لان الواجب في الكفالة الاحضار مع المكنة وقد امكنه الاحضار فيكون في أداء المال متبرعا مسألة قد بينا أنه لا يعتبر رضي المكفول به عندنا وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يشترط وإذا كفل بان المكفول به فأراد الكفيل احضاره إما لطلب المكفول له أو ابتداء ليخرج عن العهدة فعليه الإجابة ومؤنة الاحضار على الكفيل وان كفل بغير اذنه عندنا أو على قوله بالصحة فطالبه المكفول له بالاحضار فللكفيل مطالبته بالحضور على جهة التوكيل من المضمون له ولو قال اخرج من حقي للشافعية وجهان أحدهما قال ابن شريح لم يكن له مطالبة المكفول به بالاحضار كما لو ضمن بغير اذنه مالا وطالب المضمون له الضامن فإنه لا يطالب الأصيل والثاني نعم لتضمنه التوكيل في الاحضار مسألة لو مات المكفول له انتقل حقه من الكفالة إلى ورثته وتكون الكفالة باقية وتقوم ورثته مقامه كما لو ضمن له المال وهو أظهر وجوه الشافعية والثاني ان الكفالة تنقطع لأنها ضعيفة فلا يحكم بتوريثها والثالث إن كان له وصي أو عليه دين بقيت الكفالة لان الوصي نايبه وتمس حاجته إلى قضاء الدين فإن لم يكن وصي ولا دين انقطعت الكفالة والصحيح عندنا الأول لأنه حق للميت فانتقل عنه إلى ورثته كغيره من الحقوق ونمنع ضعفها لكن ينتقل إلى الوارث ضعيفة والثالث لا وجه له لان الكفالة إما ان تورث وتكون حقا متروكا للميت أو لا فإن كانت ورثت على التقديرين وان لم تكن لم يصيرها الدين والوصي حقا موروثا مسألة إذا تكفل برجل إلى أجل ان جاء به والا لزمه ما عليه فان قدم كفالة النفس بان قال إن لم احضره كان على كذا لم يلزمه الا الاحضار عند علمائنا لأن الضمان لا يقبل التعليق يخطر فإنه لا يصح لو علقه بقدوم زيد فلهذا بطل ضمان المال ووجب عليه الاحضار بالكفالة ولا يضر ضميمة الضمان الباطل لأنه قصد بالضمان تأكيد الحجة عليه بالاحضار وتقوية حق الاحضار عليه وان قدم ضمان المال فقال على كذا إلى كذا ان لم احضره ولم يحضره وجب عليه ما ذكره من المال لما رواه الخاصة عن أبي العباس عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما قال إن جاء به إلى أجل فليس عليه مال وهو كفيل بنفسه ابدا إلا أن يبدأ بالدراهم فان بدأ بالدراهم فهو له ضامن ان لم يأت إلى الاجل الذي اجله وعن أبي عباس أيضا عن الصادق (ع) رجل كفل لرجل بنفس رجل فقال إن جئت به وإلا فعلي خمسة مائة درهم قال عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم فان قال على خمس مائة درهم إن لم ادفعه إليه فقال تلزمه الدراهم ان لم يدفعه إليه إذا عرفت هذا فان الشافعي ومحمد بن الحسن قالا إذا تكفل برجل إلى أجل ان جاء به فيه وإلا لزمه ما عليه لا تصح الكفالة ولا يلزمه ما عليه وكذا لو قال متى لم احضره كان على كذا وكذا لان هذا خطر ولا يجوز تعليق الضمان به كما لو قال إن جاء المطر فأنا ضامن لم يصح وقال أبو يوسف وأبو حنيفة واحمد تصح الكفالة فان جاء به في الوقت وإلا لزمه
(١٠٢)