إذا أحيل له عليه المال والتبيع الذي لك عليه مال والأشهر في الرواية الثانية وإذا أحيل أحدكم بالواو ويروى فإذا بالفاء فعلى الأول هو مع قوله مطل الغنى ظلم جملتان لا تعلق للثانية بالأولى ويصير كقوله (ع) العارية مردودة والرغيم غارم وعلى الثاني يجوز ان يكون المعنى في الترتيب انه إذا كان المطل ظلما من الغنى فليقبل من أحيل بدينه عليه فان الظاهر أنه يحترز عن الظلم والمطل وهل الامر بالاحتيال على الايجاب أو الاستحباب الأقوى عندنا الثاني وبه قال الشافعي لأصالة البراءة وعن أحمد انه للوجوب قضية لمطلق الامر مسألة مدار الحوالة على ستة أشياء اشخاص ثلاثة محيل ومحال عليه ومحتال ودينان ومعاملة فإذا كان لزيد عليك عشرة ولك على عمرو مثلها فأحلت زيدا على عمرو فأنت محيل وزيد محتال وعمرو محال عليه وقد كان لزيد عليك دين ولك على عمرو دين وجرت بينك وبين زيد مراضاة بها انتقل حقه إلى عمرو فهذه ستة أمور لابد منها في وجود الحوالة الا الخامس فان فيه خلافا يأتي انشاء الله تعالى ويشترط في صحتها أمور منها ما يرجع إلى الدينين ومنها ما يتعلق بالاشخاص الثلاثة مسألة الحوالة عقد لازم فلا بد فيها من ايجاب وقبول كغيرها من العقود والايجاب كل لفظ يدل على النقل والتحويل مثل أحلتك وقبلتك واتبعتك والقبول ما يدل على الرضا نحو رضيت وقبلت ولا يقع معلقة بشرط ولا صفة بل من شرطها التنجيز فلو قال إذا جاء رأس الشهر أو ان قدم زيد فقد أحلتك عليه لم يصح لأصالة البراءة وعدم الانتقال ولا يدخلها خيار المجلس لأنه مختص بالبيع وليست بيعا عندنا وهل يدخلها خيار الشرط منع منه أكثر العامة والحق جواز دخوله لقولهم عليهم السلام كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فإنه جايز ولو قال أحلني على فلان فقال أحلتك افتقر إلى القبول ولا يكفي الاستيجاب (والخلاف) المذكور في البيع في الاستيجاب والايجاب آت هنا وقطع بعض الشافعية بالانعقاد هنا لان الحوالة أجيزت رفقا بالناس فيسامح فيها بما لا يسامح في غيرها والمعتمد ما قلناه مسألة اختلف العامة في أن الحوالة هل هي استيفاء حق أو بيع واعتياض فللشافعي قولان أحدهما وهو الأقوى عندي انها استيفاء حق كان المحتال استوفى ما كان له على المحيل واقرضه المحال عليه لأنها لو كانت معاوضة لجاز ان يحيل بالشئ على أكثر منه أو أقل وأظهرهما عندهم انها بيع لأنها تبديل مال بمال فان كل واحد من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه قبلها وهذا هو الحقيقة المعاوضة وليس فيها استيفاء ولا اقراض محقق فلا يقدران وقد بينا عندنا هذا ما في القول وعلى تقديره هي بيع ماذا بأي شئ للشافعية وجهان أحدهما انها بيع عين بعين والا لبطلت للنهي عن بيع الدين بالدين وكان هذا الفاعل نزل الدين على الشخص منزلة استحقاق منفعة يتعلق بعينه كالمنافع في اجارات الأعيان وهذا غير معقول والثاني وهو المعقول انها بيع الدين بالدين فان حق الدين لا يستوفى من عين الشخص ولغيره ان يؤديه عنه واستثنى هذا العقد عن النهي لحاجة الناس إليه مسامحة وارفاقا ولهذا المعنى لم يعتبر فيه التقابض كما في القرض ولم يجز فيه الزيادة والنقصان لأنه ليس بعقد مماكسة كالقرض وقال الجويني وشيخه لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين الاستيفاء والاعتياض والخلاف في أيهما أغلب وكل هذه تمحلات لا فايدة تحتها ولا دليل عليها البحث الثاني في الشرايط وهي أربعة يشتمل عليها أربعة انظار الأول كمالية الثلاثة أعني المحيل والمحتال والمحال عليه لان رضاهم شرط على ما يأتي وانما يعتبر الرضي ممن له أهلية التصرف فلا تصح من الصبي وإن كان مميزا أذن له الولي أو لا ولا المجنون سواء كان محيلين أو محتالين أو محال عليهما وكذا يشترط رفع الحجر في الثلاثة أما المحيل فلما فيه من والتصرف المالي والسفيه والمفلس ممنوعان منه وأما المحتال فلذلك أيضا لما فيه من الاعتياض عن ماله بماله وأما المحال عليه فلانه التزام بالمال مسألة يشترط ملاءة المحال عليه وقت الحوالة كالضمان أو علم المحتال باعسار المحال عليه فلو كان معسرا واحتال عليه مع جهله باعساره كان له فسخ الحوالة ومطالبة المحيل بالمال سواء شرط التساوي أو اطلق عند علمائنا لما فيه من الضرر والتغرير به ولما رواه منصور بن حازم عن الصادق (ع) انه سأله عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه قال لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك وهو نص في الباب ولا يشترط استمرار الملاءة بل لو كان المحال عليه مليا وقت الحوالة ورضى المحتال ثم تجدد اعسار المحال عليه بالمال بعد الحوالة يكن للمحتال الرجوع على المحيل لان الحوالة ألزمت أولا وانتقل الحق عن ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يعود الا بسبب ناقل للمال ولو رضي المحتال بالحوالة على المعسر لم يكن له بعد ذلك الفسخ ولا الرجوع على المحيل بشئ بل لو مات المحال عليه معسرا ضاع ماله إذا ثبت هذا فقد وافقنا على أن المحتال يرجع إلى ذمة المحيل عليه إذا ظهر افلاسه ولم يشترط للمحال عليه الملاءة ولم يعلم المحتال بإفلاسه مالك واحمد في إحدى الروايتين وجماعة من أصحابه لان الفلس عيب في المحال عليه لأن الظاهر سلامة الذمة وقد ظهر انها معيبة فكان له الرجوع كما لو اشترى سلعة فوجدها معيبة ولان المحيل غره فكان له الرجوع كما لو دلس المبيع وقال الليث والشافعي وأبو عبيد واحمد في الرواية الأخرى وابن المنذر ليس له الرجوع سواء أمكن استيفاء الق أو تعذر بمطل أو فلس أو موت أو غير ذلك لان هذا الاعسار لو حدث قبل قبضه لم يثبت له الخيار فكذا حال العقد وهو ممنوع لان المتجدد لا يمكن الاحتراز منه ولا غرر فيه بخلاف المقارن مسألة قد بينا ان الحوالة تقتضي نقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه عند علمائنا أجمع وبه قال عامة الفقهاء الا ما يحكى عن زفر فإنه قال لا ينتقل الحق وأجراها مجرى الضمان وهو خطأ لان الحوالة مشتقة من تحول الحق بخلاف الضمان عندهم فإنه مشتق من ضم ذمة إلى ذمة فعلق على كل واحد منهما ما يقتضيه لفظه وأما عندنا فان الضمان أيضا ناقل على ما تقدم بيانه مسألة إذا تمت الحوالة باركانها وكان المحال عليه مؤسرا وعلم المحتال بافلاسه انتقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل ابدا وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة ان حربا جد سعيد بن المسيب كان له على علي (ع) دين فاحاله به فمات المحال عليه فأخبره فقال أخبرت علينا أبعدك الله تعالى ابعده بمجرد احتياله ولم يخبره ان له الرجوع ولو كان له الرجوع لأخبره بذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يرجع إليه ابدا وقد تقدم وعن عقبة بن جعفر عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرجل يحيل الرجل بمال على الصيرفي ثم يتغير حال الصيرفي أيرجع على صاحبه إذا احتال وضمن قال لا ولان الحوالة براءة من دين ليس فيها قبض ممن عليه فلا يكون رجوع عليه كما لو أبرأه من الدين وقال شريح والشعبي والنخعي من أفلس أو مات رجع على صاحبه وقال أبو حنيفة يرجع عليه في حالتين إذا مات المحال عليه مفلسا وإذا جحد وحلف عليه عند الحاكم وقال أبو يوسف ومحمد يرجع عليه في هاتين الحالين وفي حال أخرى إذا أفلس وحجر عليه لما روى أن عثمان سئل عن رجل أحيل بحقه فمات المحال عليه مفلسا فقال يرجع بحقه لا يزرأ هذه العلامة بخط المصنف على كتابه بيده وهذه اللفظة من كتابة مهملة فيوشك ان يكون بالزاء المعجمة والراء المهملة أخيرا قال في الصحاح والإزراء التهاون بالشئ فقال أزريت إذا قصرت به على مال مسلم ولأنه عقد معاوضة لم يسلم العوض منه لاحد المتعاقدين فكان له الفسخ كما لو اعتاض بثوب فلم يسلمه إليه ولأنه نقل حق من ذمة إلى غيرها فإذا لم يسلم له ما نقل إليه كان له الرجوع بحقه كما لو اخذ دينه عينا وتلفت في يد من عليه الحق ورواية عثمان ضعيفة لم تصح يرويها خالد بن جعفر عن معاوية بن عروة عن عثمان
(١٠٥)