لها مع أن نفي البأس لا يضاد الكراهة إذا عرفت هذا فلو التقط أحد هذه الأشياء ثم ظهر مالكها كان له اخذها وبالجملة فاخذ اللقطة مطلقا عندنا مكروه ويتأكد في مثل هذه الأشياء ويتأكد الكراهة في مطلق اللقطة للفاسق واكد منه المعسر مسألة ما ليس بمال مما يجوز اقتناؤه مثل كلب الصيد إذا منعنا من بيعه وكذا غيره من الكلاب المنتفع بأعيانها مثل كلب الماشية والزرع والحايط فإنه يجوز التقاطه ويعرف سنة وبه قال الشافعي الا ان الشافعي شرط في الالتقاط قصد الحفظ ابدا لأنه لا يجوز له تملكه بعد السنة بالعوض لأنه لا قيمة له عنده وبغير عوض مخالف لوضع اللقطة واما المنفعة فعلى وجهين ان جوزوا اجارة الكلب كانت مضمونة والا فلا وقال أكثر الشافعية يعرفه سنة كما قلناه ثم يختص به وينتفع به فان ظهر صاحبه بعد ذلك وقد تلف لم يضمنه وهل عليه أجرة المثل لمنفعة تلك المدة وجهان مبنيان على جواز اجارة الكلب واما عندنا فإن كان الكلب له قيمة مقدورة في الشرع فإذا عرفه حولا ولم يجد صاحبه جاز له ان يتملكه فيكون عليه القيمة الشرعية المطلب الثاني في الاحكام ومباحثه أربعة الأول الضمان وعدمه مسألة اللقطة أمانة في يد الملتقط ما لو ينو التملك أو يفرط فيها أو يتعدى فإذا اخذها بقصد الحفظ لصاحبها دائما فهي أمانة في يده ما لم ينو التملك أو يفرط أو يتعدى وان بقيت في يده أحوالا ان قلنا بافتقار التملك إلى نية لأنه بذلك محسن في حق المالك بحفظ ماله وحراسته فلا يتعلق به ضمان لقوله تعالى ما على المحسنين من سبيل ولان حاله لم يختلف قبل الحول ولا بعده فكذا الحكم بعدم الضمان ينبغي ان لا يختلف واما ان قلنا بدخولها في ملكه بعد الحول وان لم يقصد التملك فإنه يضمنها بدخولها في ملكه لكن المعتمد عند علمائنا الأول وسيأتي مسألة إذا نوى الاحتفاظ لها دائما فهي أمانة في يده على ما تقدم فان دفعها إلى الحاكم وجب عليه القبول لأنه معد لمصالح المسلمين وأعظمها حفظ أموالهم بخلاف الوديعة فإنه لا يلزمه قبولها على أحد وجهي الشافعية لأنه قادر على الرد إلى المالك بل لا يجوز له دفعها إلى الحاكم مع القدرة على صاحبها لقوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها ولو تعذر عليه الرد إلى المالك وافتقر إلى ايداعها أودعها الحاكم للضرورة ولو اخذ للتملك ثم بدا له ودفعها إلى الحاكم لزمه القبول ولو قصد الحفظ ابدا لزمه التعريف حولا ولا يسقط وجوب التعريف حولا بقصد الحفظ دايما وهو أحد وجهي الشافعية على ما يأتي فإن لم يجب لم يضمن بتركه عندهم وإذا بدا له قصد التملك عرفها سنة من حينئذ ولا يعتد بما عرف من قبل وان أوجبناه فهو ضامن بالترك حتى لو ابتدا بالتعريف بعد ذلك فهلك في سنة التعريف ضمن مسألة لو نوى الخيانة والتملك بغير تعريف حين الالتقاط وأخفاها عن المالك كان ضامنا غاصبا ولا يحل له اخذها بهذه النية فان اخذها لزمه ضمانها سواء تلفت بتفريطه أو بغير تفريطه فان دفعها إلى الحاكم فالأقرب زوال الضمان لأنه نايب عن المالك فكأنه قد دفع إلى المالك وهو أحد وجهي الشافعية كما في الغاصب ولو لم يدفعها إلى الحاكم بل عرفها حولا فالأقرب انه يجوز له التملك لأنه قد وجد سبب التملك وهو التعريف والالتقاط فيملكها به كالاصطياد والاحتشاش فإنه لو دخل حايط غيره بغير اذنه فاصطاد منه صيدا ملكه وإن كان دخوله محرما كذا هنا ولان عموم النص يتناول هذا الملتقط فيثبت حكمه فيه ولانا لو اعتبرنا نية التعريف وقت الالتقاط لافترق الحال بين العدل والفاسق والصبي والسفيه لان الغالب على هؤلاء الالتقاط للتملك من غير تعريف وهو أحد قولي الشافعية والأظهر عندهم والأشهر بينهم انه لا يمكن من التملك لأنه اخذ مال غيره على وجه لا يجوز له اخذه فأشبه الغاصب ولا بأس به مسألة لو اخذ اللقطة بنية التعريف حولا والتملك بعده فإنها في الحول أمانة غير مضمونة لو تلفت بغير تفريط منه أو نقصت فلا ضمان عليه كالوديعة الا بالتعدي أو التفريط أو نية التملك واما بعد السنة فالأقرب انها تصير مضمونة عليه إذا كان عزم؟ التملك مطردا وان لم يجر حقيقة لأنه صار ممسكا لنفسه فأشبه المستام هذا ان قلنا إن اللقطة لا تملك بمضي السنة فان قلنا تملك فإذا تلفت تلفت منه لا محالة وهذا قول بعض الشافعية وأكثرهم على انها أمانة إذا لم يجر التملك قصدا أو لفظا إذا اعتبرنا اللفظ كما كانت قبل الحول نعم إذا اختار وقلنا لا بد من التصرف فحينئذ يكون مضمونا عليه كالقرض وقد اعترض على ذلك بأنه قد يغير القصد إلى الحفظ ما لم يتملك فلا يكون ممسكا لنفسه فلو كان قصد التملك يجعله ممسكا لنفسه لزم ان يكون الذي لا يقصد بالتعريف الا تحقيق شرط التملك ممسكا لنفسه في مدة السنة أيضا مسألة لو اخذ اللقطة بنية الأمانة والتعريف ثم قصد الخيانة ضمن بقصده لان سبب أمانته مجرد نيته والا فاخذ مال الغير بغير رضاه مما يقتضي الضمان ولأنه استيمان ضعيف لأنه ثبت من غير جهة المالك فيكفي في زواله أدنى سبب ولان نية الخيانة لو حصلت حالة الالتقاط لاقتضت الضمان فكذا بعده لبراءة ذمته قبل الالتقاط وحالة الأمانة وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه لا يصير المال مضمونا عليه بمجرد القصد كالمستودع لو جدد نية الخيانة في الوديعة بعد نية الحفظ لم يصر ضامنا بذلك كذا الملتقط والفرق ظاهر بين الملتقط والمستودع لان المستودع مسلط مؤتمن من جهة المالك على أن في المستودع وجها للشافعية انه يضمن بمجرد القصد وعلى الظاهر من مذهب الشافعية من أن الودعي لا يضمن بقصد الخيانة بعد نية الحفظ لو اخذ الوديعة على قصد الخيانة في الابتداء وجهان للشافعية في أنه هل يكون ضامنا أم لا وإذا قلنا صار الملتقط ضامنا في الدوام إما بنفس الخيانة أو بقصدها ثم رجع عن نية الخيانة وقصد الأمانة وأراد ان يعرف ويتملك للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه قد تعدى في أمانته وصار مضمونا عليه بنية الخيانة أو لا فلا يبرء من الضمان لان الأمانة لا تعود بترك التعدي والثاني ان التقاطه في الابتداء وقع مفيدا للتملك فلا يبطل حكمه بتفريط يطرء ولان سبب التملك هو الالتقاط والتعريف غير محرم وانما المحرم ما قصده ولم يتصل به تحقيق مسألة قال الشيخ (ره) اللقطة يضمن بمطالبة المالك لا بنية التملك وفيه نظر لان المطالبة تترتب على الاستحقاق فلو لم يثبت الاستحقاق أولا لم يكن لصاحبها المطالبة فلو ترتب الاستحقاق على المطالبة لزم الدور ولو اخذ الملتقط اللقطة ولم يقصد خيانة ولا أمانة لم يكن مضمونة عليه وله ان يتملك بشرطه وكذا لو اضمر أحدهما ونسي ما اضمره لأصالة البراءة البحث الثاني في التعريف مسألة ينبغي للملتقط ان يقف على اللقطة ليميزها عن أمواله فلا يختلط امرها عليه ويشتبه بما يختص به وأيضا يستدل بها على معرفة صدق مدعيها إذا جاء وطلبها فحينئذ يستحب ان يعرف عفاصها وهو الوعاء من جلد أو خرق أو غيرهما ووكاءها وهو الخيط الذي يشد به لورود ذلك في الخبر انه (ع) قال اعرف عفاصها ووكائها وينبغي ان يعرف أيضا جنسها هل هي ذهب أو فضة أو ثوب هروي أو مروي ويعرف قدرها بالوزن أو العدد إن كان مما يعد في العادة لما ورد في حديث أبي بن كعب اعرف عدتها ومهما ازداد عرفانا ازداد احتياطا في حفظها وتبينها على أنه لا يفرط في طرفها فيها وينبغي ان يقيد ذلك بالكتابة لئلا ينسى ما عرفه منها مسألة ويجب على الملتقط تعريف اللقطة إذا بلغت درهما فما زاد والانشاد بها ليظهر خبرها لصاحبها فيأخذها سواء قصد الملتقط حفظها دائما لصاحبها أو نوي التملك بعد السنة عند علمائنا وبه قال احمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث زيد بن خالد الجهني قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله يسأله عن اللقطة فقال اعرف عفاصها ووكائها
(٢٥٧)