لم يحصل الرهن وقال أبو حنيفة الرهن والإجارة لا يجتمعان والمتأخر منهما يرفع المتقدم ويبطله والشافعي جوز ذلك لان الإعادة من المرتهن لا يبطل الرهن فكذا الإجارة واعلم أن للشافعي قولين الجديد ان البيع من الراهن وغيره من التصرفات باطلة والقديم يجوز وقف العقود بكون هذه التصرفات موقوفة على الانفكاك وعدمه مسألة: لا يصح من الراهن اعتاق العبد المرهون لأنه اتلاف للوثيقة وابطال الحق المرتهن منها وللشافعي في القديم الجزم بعدم النفوذ إن كان الرهن معسرا و إن كان موسرا فقولان وفي الجديد الجزم بنفوذه إن كان موسرا وإن كان معسرا فقولان فيحصل له أقوال ثلاثة. أ: انه لا ينفذ بحال وهو الذي ذهبنا إليه لان الرهن عقد لازم حجر به الراهن على نفسه فلا يتمكن من ابطاله مع بقاء الدين. ب: انه ينفذ لأنه اعتاق صادف الملك وأشبه اعتاق المستأجر والزوجة وبه قال أبو حنيفة واحمد الا ان أبا حنيفة يقول يستسعى العبد في قيمته إن كان الراهن معسرا. ج: وهو الأصح عندهم وبه قال مالك انه إن كان موسرا نفذ والا فلا تشبيها لسريان بالعتق إلى حق المرتهن بسريانه من نصيب أحد الشريكين إلى الأخر والمعنى فيه ان الوثيقة لا يتعطل ولا يتأخر إذا كان موسرا فان قلنا إنه لا ينفذ فالرهن بحاله فلو انفك بابراء أو بغيره فللشافعي قولان أظهرهما عندهم انه لا يحكم بنفوذه أيضا لأنه لا يملك اعتاقه فأشبه ما إذا أعتق المحجور عليه للسفه ثم زال الحجر والثاني يحكم لان المانع من النفوذ في الحال حق المرتهن وقد زال والخلاف فيه كالخلاف فيما إذا أعتق المحجور عليه بالفلس عبدا ثم انفك الحجر عنه ولم يتفق بيع ذلك العبد هل يعتق وان بيع في الدين ثم ملكه ولو يوما ما لم يحكم بالعتق ومنهم من طرد الخلاف المذكور في الصورة الأولى وعن مالك انه يحكم بنفوذ العتق في الصورتين وان قلنا ينفذ العتق مطلقا فعلى الراهن قيمته باعتبار يوم الاعتاق ثم إن كان موسرا أخذت منه في الحال وجعلت رهنا مكانه وإن كان معسرا انظر إلى اليسار فإذا أيسر أخذت منه وجعلت رهنا ان لم يحل الحق بعده وان حل طولب به ولا معنى للرهن ويحتمل ان يقال كما أن ابتداء الرهن قد يكون بالحال وقد يكون بالمؤجل فكذا قد يقتضي المصلحة اخذ القيمة رهنا وان حل الحق إلى أن يتيسر استيفاؤه وبتقدير صحة التفصيل الذي ذكروه وجب ان يجري مثله في القيمة التي يؤخذ من الموسر ومهما بذل القيمة على قصد الغرم صارت رهنا ولا حاجة إلى عقد مستأنف ولا اعتبار بقصد المؤدي وإذا كان المعتق موسرا فعلى القول الثاني أو الثالث في وقت نفوذ العتق عندهم طريقان أحدهما انه على الأقوال في وقت نفوذ العتق في نصيب الشريك إذا أعتق الشريك نصيبه ففي قول يتعجل وفي قول يتأخر إلى أن يغرم القيمة وفي قول يتوقف فإذا غرم تبينا صحة العتق وأظهرهما القطع بنفوذه في الحال والفرق ان العتق يسري إلى ملك الغير و لابد من تقدير انتقاله إلى المعتق فجاز أن يقول انما ينتقل إذا استقر ملك المشتري ويده على العوض واعتاق الراهن يصادف ملكه إما لو علق الراهن عتق المرهون فعندنا انه يبطل لأنه لا يصح تعليق العتق على شرط واما من جوزه كالشافعي فقال ينظر ان علق عتق المرهون بفكاك الرهن نفذ عند الانفكاك لان مجرد التعليق لا يضر المرتهن وحين ينزل العتق لا يبقى له حق وان علق بصفة أخرى فان وجدت قبل فكاك الرهن ففيه الأقوال المذكورة في التنجيز فان وجدت بعده فوجهان أصحهما عندهم النفوذ لأنه لا يبطل حق المرتهن والثاني عدمه ابطالا للتعليق مطلقا كالتنجيز في قول والخلاف هنا يشبه خلافهم فيما لو قال العبد لزوجته ان فعلت؟؟ كذا فأنت طالق ثلاثا ثم عتق فعلته هل يقع الطلقة الثالثة لكن الخلاف جار وان علق بالعتق فقال إن أعتقت فأنت طالق ثلاثا ولا خلاف في تعليق العتق بالفكاك انه ينفذ عند الفكاك وفرقوا بان الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد ومحل العتق مملوك للراهن وانما منع لحق المرتهن وفيه نظر فان العتق غير مملوك للراهن كما أن الطلقة الثالثة غير مملوكة للعبد ومحل الطلاق مملوك للعبد كما أن محل العتق مملوك للراهن فلا فرق ولو رهن نصف عبده ثم أعتق نصفه فان أضاف العتق إلى النصف المرهون ففيه الخلاف وان اضافه إلى الطلق أو اطلق عتق الطلق وهل يسري إلى المرهون ان جوزنا عتق المرهون فنعم والا فوجهان عند الشافعية والذي يقتضيه مذهبنا انه يسري وهو أصح وجهي الشافعية لان اقصى ما في الباب تنزيل المرهون منزلة ملك الغير وهو يسري إليه فحينئذ هل يفرق بين الموسر والمعسر قولان للشافعية أحدهما نعم والثاني لا لأنه ملكه ولو وقف المرهون لم يصح عندنا لما فيه من افساد حق الغير وللشافعية طريقان أحدهما انه كالعتق لما فيه من القربة؟ والتعليق الذي لا يقبل النقض وأظهرها عندهم القطع بالمنع بخلاف العتق لأنه أقوى بالسراية وغيرها ولهم طريقة ثالثة ان قلنا الوقف لا يحتاج إلى القبول فهو كالعتق وان قلنا يحتاج إليه فيقطع بالمنع. مسألة: ليس للراهن وطئ أمته المرهونة الا بإذن المرتهن سواء كانت بكرا أو ثيبا وسواء كانت من أهل الأحبال أو لا لان الوطي ربما أحبلها فينقص قيمتها وربما ماتت في الولادة وقال الشافعي إن كانت الجارية بكرا لم يكن للراهن وطؤها بحال لان الافتضاض ينقص قيمتها وإن كانت ثيبا فكذلك في سن من يحبل لأنها ربما حبلت فيفوت الوثيقة أو يتعرض للهلاك في الطلق ونقصان الولادة وليس له أن يقول أطأ فاعزل لأن الماء قد يسبق وإن كانت في سن من لا يحبل لصغر أو يأس فوجهان أحدهما له ان يطأها كساير الانتفاعات التي لا يضر بالمرتهن وقال الأكثر يمنع من وطئها أيضا احتياطا لحسم الباب إذ العلوق ليس له وقت معلوم وهذا كما أن العدة على الصغيرة والكبيرة والآيسة وإن كان القصد الأصلي استبراء الرحم ويجري الوجهان فيما إذا كانت حاملا من الزنا لأنه لا يخاف من وطئها الحبل نعم غشيان مثل هذه المرأة مكروه على الاطلاق قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للمرتهن منع الراهن من وطي أمته المرهونة ولان ساير من يحرم وطؤها لا فرق فيه بين الآيسة والصغيرة ونحوهما كالمعتدة و المستبرأة والأجنبية. مسألة: لو خالف الراهن ما قلناه ووطى لم يكن زانيا لأنه وطي في ملك فلا حد عليه لان التحريم عارض كما عرض في المحرمة والصائمة ولا مهر عليه لان المرتهن لا حق له في منفعتها ووطئها لا ينقص قيمتها فأشبه ما لو استخدمها بخلاف ما لو وطي المكاتبة حيث يغرم المهر لان المكاتبة قد استلقت واضطر الملك فيها أو زال ولهذا لو وطئها أجنبي كان المهر لها ولو وطي المرهونة أجنبي كان المهر للمولى ولو تلف جزء منها أو بعضها مثل ان افتض البكر أو أفضاها فعليه قيمة ما أتلف فان شاء جعله رهنا معها وان شاء جعله قضاء من الحق ان لم يكن حل إذا رضي المرتهن وإن كان حل جعله قضاء إن كان من جنس الحق لا غير فإنه لا فائدة في جعله رهنا ولا فرق بين الكبيرة والصغيرة فيما ذكرناه ولا نعلم في هذا خلافا فان أولدها فالولد حر لاحق به ولا قيمة عليه لان المرتهن لا حق له في ولد المرهونة بحال وهل تصير أم ولد للراهن مذهبنا انها تصير أم ولد له ولا يبطل الرهن ثم إن كان الواطي موسرا لزمه قيمة الرهن من غيرها لحرمة ولدها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا كان الدين باقيا وجاز بيعها فيه وللشافعي أقوال ثلاثة أحدها انها تصير أم ولد وتعتق سواء كان الراهن موسرا أو معسرا لكنه يجب على الموسر قيمتها يكون رهنا مكانها لان الاستيلاد أولي بالنفوذ من الاعتاق لأنه فعل والفعل أقوى وأشد نفوذا ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه ولا ينفذ اعتاقهما وينفذ استيلاد المريض من رأس المال واعتاقه من الثلث والثاني القطع بعدم نفوذ الاستيلاد ولا يخرج من الرهن ويباع في دين المرتهن سواء كان موسرا أو معسرا والثالث الفرق بين الموسر والمعسر فإن كان موسرا صارت أم ولد له وان أعتقها عتقت ووجب عليه قيمتها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا لم يخرج من الرهن وبيعت في حق المرتهن فقد حصل ثلاثة طرق أظهرها عندهم طرد الخلاف في الاستيلاد كما في الاعتاق والثاني القطع بنفوذ الاستيلاد والثالث القطع بعدمه وقال أبو حنيفة تصير أم ولد وتعتق سواء كان موسرا أو معسرا فإن كان موسرا لزمته قيمتها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا استسعت الجارية في قيمتها إن كانت دون الحق ويرجع بها على الراهن وعندنا
(٢٨)