جذع على حايطه فانكسر وهو أحد وجهي الشافعية لان الاذن اختص بالأول والثاني ان له ذلك لان الاذن قايم ما لم يرجع فيه إما لو انقلع القصيل المأذون له في زرعه في غير وقته المعتاد أو سقط الجذع كذلك وقصر الزمان جدا فالأولى ان له ان يعيده بغير تجديد الاذن مسألة لو حمل السيد حب الغير أو نواه أو جوزه أو لوزه إلى ارض اخر كان على صاحب الأرض رده إلى مالكه ان عرفه والا كان لقطة فان نبت في ارضه وصار زرعا أو شجرا فإنه يكون لصاحب الحب والنوى والجوز واللوز لأنه نماء أصله كما أن الفرخ لصاحب البيض ولا نعلم فيه خلافا ثم إن طلب صاحب الحب والنوى والجوز واللوز قلعه عن ارض غيره كان له ذلك لأنه ملكه وعليه تسوية الحفر لأنها حدثت بفعله (بقلعه) لتخليص ملكه منها فأشبه قصيلا دخل دار انسان ثم كبر فاحتاج صاحبه إلى نقض باب الدار لاخراجه فان عليه رده واصلاحه لأنه فعله لتخليص ملكه وان طلب صاحب الأرض القلع كان له ذلك لان العرق نبت في ارضه بغير إذنه فأشبه الغاصب فان امتنع صاحب الزرع أجبر عليه كما لو سرت أغصان شجرته في دار جاره فإنها تقطع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجبر إن كان زرعا لان قلعه اتلاف المال على مالكه ولم يوجد منه تفريط ولا عدوان ولا يدوم ضرره فلم يجبر على ذلك كما لو حصلت دابته في دار غيره على وجه لا يمكن خروجها الا بقلع الباب أو قتلها فإننا لا نجبره على قتلها بخلاف أغصان الشجر فإنه يدوم ضرره ولا يعرف قدر ما يشغل من الهواء حتى يؤدي اجره فحينئذ يقر في الأرض إلى حين حصاده بأجرة المثل وقال بعض العامة ليس عليه اجر لأنه حصل في ارض غيره بغير تفريط فأشبه ما لو ماتت دابته في ارض انسان بغير تفريطه وليس بجيد لان منع المالك من أرضه وابقاء ما لم يأذن فيه لمصلحة الغير اضرار به وليس اعتبار مصلحة صاحب الزرع أولى من اعتبار مصلحة صاحب الملك ثم لو سلمنا وجوب التبقية لكن حرمان صاحب الأرض من الأجرة اضرار به وشغل لملكه اختياره من غير عوض فلم يجز كما لو أراد بقاء بهيمته في دار غيره عاما واما إن كان النابت شجرا كالنخل والزيتون والجوز واللوز وغير ذلك فاجبره على ازالته كأغصان الشجرة السارية في هواء ارض غيره ولو حمل السيل أرضا بشجرها فنبتت في ارض غيره كما كانت فهي لمالكها ويجبر على ازالتها كما تقدم وفي كل ذلك إذا ترك صاحب البذر والنوى ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها لم يلزمه نقله ولا اجرة ولا غير ذلك لأنه حصل بغير تفريطه ولا عدوانه وكان الخيار لصاحب الأرض المشغولة به ان شاء اخذه لنفسه وان شاء قلعه تذنيب لو كان المحمول بالسيل ما لا قيمة له كنواة واحدة وحبة واحدة فنبتت احتمل ان يكون لمالك الأرض ان قلنا لا يجب عليه ردها إلى مالكها لو لم تنبت لانتفاء حقيقة المالية فيها والتقويم انما حصل في ارضه وهو أحد وجهي الشافعية وأن يكون لمالكها ان قلنا بتحريم اخذها ووجوب ردها قبل نباتها فعلى هذا في قلع النابت وجهان ولو قلع صاحب الشجرة الشجرة فعليه تسوية الحفر لأنه قصد تخليص ملكه المبحث الثاني في الضمان وأقسامه ثلاثة ضمان الرد وهو واجب على المستعير فمؤنته عليه لقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولان الإعارة نوع من معروف فلو كلف المالك مؤنة الرد امتنع الناس من الإعارة وفى ذلك ضرر عظيم وضمان العين وضمان الأجزاء مسألة العارية أمانة مأذون في الانتفاع بها بغير عوض لا يستعقب الضمان الا في مواضع تأتي انشاء الله تعالى عند علمائنا أجمع فإذا تلف في يد المستعير بغير تفريط منه ولا عدوان لم يكن عليه ضمان سواء تلفت بآفة سماوية أو أرضية وبه قال الشعبي والنخعي والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن شبرمة وهو قول الشافعي في الأمالي لما رواه العامة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله قال ليس على المستعير غير المغل ضمان ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال ليس على مستعير عارية ضمان وصاحب العارية والوديعة مؤتمن وعن محمد بن مسلم في الصحيح انه سأل الباقر (ع) عن العارية يستعيرها فتهلك أو تسرق فقال إذا كان أمينا فلا غرم عليه ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة ولان قول النبي صلى الله عليه وآله العارية موداة يدل على انها أمانة لقوله تعالى إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال الشافعي العارية مضمونة بكل حال واليه ذهب عطاء واحمد وإسحاق ورواه العامة عن ابن عباس وأبي هريرة لما روى في حديث صفوان بن أمية ان النبي صلى الله عليه وآله استعار منه يوم خيبر أدرعا فقال أغصبا يا محمد صلى الله عليه وآله قال بل عارية مضمونة موداة وعن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال على اليد ما أخذت حتى توديه ولأنه اخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردا بنفعه من غير استحقاق ولا اذن في الاتلاف فكان مضمونا كالغاصب والمأخوذ على وجه السوم والجواب أنا نقول بموجب الحديث فان المعير إذا شرط على المستعير الضمان لزمه وكذا نقول بموجب الثاني فإنه يجب على المستعير أداء العين إلى مالكها والضمير عائد إلى المأخوذ لا إلى القيمة مع التلف والقياس على الغاصب غلط لأنه ظالم فلا يناسب الاستيمان والمأخوذ بالسوم انما دفعه المالك طالبا للعوض بخلاف العارية مسألة لو شرط المعير الضمان على المستعير لزمه الضمان مع التلف بغير تفريط وان يشترط ضمانها كانت أمانة عند علمائنا وبه قال قتادة وعبيد الله بن الحسن العنبري وهذا أحد المواضع المستثناة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه شرط لصفوان ابن أمية الضمان ومن طريق الخاصة رواية صفوان وقد سلفت وفي الصحيح عن ابن مسكان عن الصادق (ع) قال قال لا يضمن العارية الا ان يكون اشترط فيها ضمانا الا الدنانير فإنها مضمونة وان لم يشترط فيها ضمانا وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) قال إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا ان يكون قد اشترط عليه ولان الحاجة تدعو إلى العارية والى الاحتياط في الأموال فلو لم يشرع الشرط لزم امتناع ذوي الأموال من اعارتها وذلك فساد وضرر وجرح وضيق ولقوله (ع) المسلمون عند شروطهم ومن أوجب الضمان من غير شرط كان ايجابه معه أولي وقال أبو حنيفة لا يضمن بالشرط كالوديعة والفرق ان الوديعة أمانة لا تستعقب انتفاع الأمين بها فلا يليق فيها الضمان وان شرطه بخلاف العارية وقال ربيعة كل العواري مضمونة الا موت الحيوان وهو منقول عن مالك مسألة لو شرطا في العارية سقوط الضمان سقط لان العارية لا يستعقب الضمان عندنا فوجود الشرط كالعدم وروى عن أحمد مع قوله بان العارية مضمونة سقوطه هنا وبه قال قتادة والعنبري لأنه لو اذن له في اتلافها لم يجب ضمانها (فكذا إذا أسقط عنه ضمانها) وقال الشافعي واحمد لا يصح هذا الشرط ولا يسقط الضمان لان كل عقد اقتضى الضمان فكذا إذا أسقط عنه ضمانها لم يغيره الشرط كالمقبوض بالبيع الفاسد أو الصحيح وما اقتضى الأمانة فكذلك كالوديعة والشركة والمضاربة وفارق اذن الاتلاف فان الاتلاف فعل يصح الاذن فيه ويسقط حكمه إذ لا ينعقد موجبا للضمان مع الاذن واسقاط الضمان هنا نفي الحكم مع وجود سبب وليس ذلك للمالك ولا يملك الاذن فيه والجواب المنع من قولهم كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط لأنهما قضية كلية يكذبها قول النبي صلى الله عليه وآله المسلمون عند شروطهم واسقاط الحكم بعد وجود سببه ممكن لأنه لو أسقطه بعد وجوده أمكن كاسقاط الدين الثابت في الذمة فاسقاطه بعد سببه أولي تذنيب لو شرط سقوط الضمان في العارية المضمونة كالذهب والفضة وغيرهما مما يجب فيه الضمان على مذهبنا فالأولى السقوط عملا بالشرط وقد سبق وكذا لو شرط الضمان في العارية صح فإذا أسقطه بعد ذلك سقط
(٢١٤)