أجود أو أزيد فالأقرب انه ليس للأصيل أخذ الزيادة وانما يغرم رب المال للأصيل دون الضامن لان في ضمن الأداء عنه اقراضه وتمليكه إياه وإن كان بحيث لا يثبت له الرجوع فلا شئ ء للضامن على الأصيل وعلى المضمون له رد ما أخذه وعلى من يرد فيه احتمال ان يرده على الضامن أو على الأصيل وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في المتبرع بالصداق إذا طلق الزوج قبل الدخول مسألة لو كان لرجل على اخر دين دين فادعى صاحب الدين على اخر بأنه ضمنه له عن المديون فأنكر الضامن الضمان سقط حق رب المال عن الأصيل عندنا لانتقال المال عن ذمته إلى ذمة الضامن خلافا لأكثر العامة ثم مدعي الضمان ان لم يكن له بينة فاحلف الضامن على أنه لم يضمن سقط ماله إما عن الضامن فلبرائته باليمين واما عن الأصيل فلاعترافه ببراءة ذمته بالضمان وإن كان له بينة فأقامها على الضامن بالضمان ثبت له عليه المطالبة فإذا رجع عليه بالمال رجع الضامن على الأصيل وإن كان قد كذب المدعى للضمان لان البينة أبطلت حكم انكاره فكأنه لم ينكره وهذا كما لو اشتري عينا فادعى اخر انها ملكه وان بايعها غصبها منه فقال المشتري في جوابه انها ملك بايعي وليس لك فيها حق وانه اليوم ملكي فأقام المدعي البينة فان المشتري يرجع على البايع وان أقر له بالملك وكذا لو باع عينا على رجل وادعى على اخر انه ضمن الثمن عن المشتري وأقام على ذلك بينة وأخذ الثمن من الضامن يرجع الضامن على الأصيل واعترض بعض الشافعية بان البينة انما تقام عند الانكار وإذا أنكر كان مكذبا للبينة عما ان صاحب المال ظالم فيما أخذ منه فكيف يرجع على الأصيل بما ظلمه به والمظلوم انما يرجع على ظالمه والجواب انا نمنع ان البينة انما تقام عند الانكار بل يجوز ان يقر الضامن وتقام البينة للاثبات على الأصيل سلمنا انه لم يقر لكن البينة لا تستدعي الانكار بخصوصيته بل يكفي الانكار وما يقوم مقامه كالسكوت فربما كان ساكتا سلمناها استدعاء الانكار لكنها لا تستدعي الانكار منه بخصوصيته بل يكفي صدور الانكار من وكيله في الخصومات فلعل البينة أقيمت في وجه وكيله المنكر سلمنا انه أنكر لكنه ربما أنكر الضمان وسلم البيع وهذا الانكار ولو منع لكان مانعا (بايعا) للرجوع بجهة غرامة المضمون وجايز ان يكون هذا الرجوع باعتبار ان المدعي ظلمه بأخذ ما على الأصيل منه وللظالم مثل المأخوذ على (البايع) الغايب فيأخذ حقه مما عنده إما لو وجد منه التكذيب القاطع لكل الاحتمالات فاصح وجهي الشافعية انه يمنع من الرجوع وقيل لا يمنع على ما اخترناه أولا البحث الخامس في اللواحق مسألة كل موضع قلنا فيه بان المأذون له في الأداء أو الضامن يرجع على الاذن والمضمون عنه بما غرم فإنما هو مفروض فيما إذا شهد المؤدي أو الضامن على الأداء شهادة يثبت بها الحكم سواء اشهد رجلين أو رجلا وامرأتين ولو اشهد واحدا اعتمادا على أن يحلف معه فالوجه الاكتفاء لان الشاهد مع اليمين حجة في نظر الشرع كافية لاثبات الأداء عند أكثر العلماء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يكفي لأنهما قد يترافعان إلى حنفي لا يقضي بالشاهد واليمين فكان ذلك ضربا من التقصير وانما تنفع الشهادة ما إذا أشهد عدلين أو عدلا وامرأتين ثقتين أو عدلا واحدا على الخلاف ولو أشهد فاسقين مشهورين بالفسق لم يكف وكان مقصرا أو لو أشهد مستورين فبانا فاسقين فالأقرب الاكتفاء إذ يمتنع الاطلاع على البواطن فكان معذورا وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني لا يكفي ويكون بمنزلة من لم يشهد لان الحق لا يثبت بشهادتهما وهو غلط كما لو فسقا بعد الاشهاد والأداء ولا يكفي شهادة من يعرف طعنه عن قريب لأنه لا يقضي إلى المقصود أما إذا أدى من غير اشهاد فإن كان الأداء في غيبة الأصيل فهو مقصر بترك الاشهاد إذ كان من حقه الاحتياط وتمهيد طريق الاثبات وإن كان بحضوره فلا تقصير مسألة لو جحد رب الدين أداء الضامن إليه وادعاه الضامن ولا بينة فان كذب الأصيل الضامن في الدفع لم يرجع عليه فإذا حلف رب الدين أخذ من الضامن ثانيا ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه ثانيا الا ان يكون الذي أداه أولا أقل مقدارا أو أقل صفة وادعى رضاه به فإنه يرجع بما أداه أولا وان صدقه الأصيل فالأقوى رجوع الضامن عليه بما أداه أولا لان ساوى الحق أو قصر عنه لا بما يؤديه ثانيا بحلف المضمون له ويؤدي الضامن إلى المضمون له ثانيا لحلفه وللشافعية فيه وجهان هذا أحدهما والثاني انه ليس له الرجوع بما أداه أو لا وصدقه عليه لان لم يؤد بحيث ينتفع له الأصيل فان رب المال منكر والمطالبة بحالها ولا بأس به عندي فعلى هذا القول لو كذبه الأصيل هل يحلف قال بعض الشافعية يبني على أنه لو صدقه هل يرجع عليه ان قلنا نعم حلفه على نقى العلم بالأداء وان قلنا لا يرجع يبني على أن النكول ورد اليمين كالاقرار وكالبينة ان قلنا بالأول لم يحلفه لان غايته ان ينكل فيحلف الضامن فيكون كما لو صدقه وذلك لا يفيد الرجوع وان قلنا بالثاني حلفه طمعا في أن ينكل كما لو أقام البينة ولو كذبه الأصيل وصدقه رب المال فالأقوى انه يرجع على الأصيل لسقوط المطالبة باقراره واقراره أقوى من البينة مع انكاره وهو أظهر قولي الشافعية والثاني انه لا يرجع ولا ينهض قول رب المال حجة على الأصيل ولو أدى في حضور الأصيل قال بعض الشافعية انه يرجع كما لو ترك الاشهاد في غيبته وظاهر مذهب الشافعي انه لا يرجع لأنه حال الغيبة مستبد بالامر فعليه الاحتياط والتوثيق بالاشهاد وإذا كان الأصيل حاضرا فهو أولى بالاحتياط والتقصير بترك الاشهاد في حضوره مستند إليه مسألة إذا توافق الأصيل والضامن على أن الضامن أشهد بالأداء ولكن مات الشهود أو غابوا ثبت له الرجوع على الأصيل لاعترافه بان الضامن اتى بما عليه من الاشهاد والتوثيق والموت والغيبة ليسا إليه وهو قول الشافعي ونقل الجويني وجها بعيدا انه لا يرجع إذ لم ينتفع بأدائه فان القول قول رب المال في نفي الاستيفاء ولو ادعى الضامن الاشهاد وأنكر الأصيل الاشهاد فالقول قول الأصيل مع اليمين لأصالة عدم الاشهاد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان القول قول الضامن لان الأصل عدم التقصير ولان قد يكون صادقا وعلى تقدير الصدق يكون منعه من الرجوع اضرارا فليصدق للضرورة كما يصدق الصبي في دعوى البلوغ إذ لا يعرف الا من جهة ولو قال أشهدت فلانا وفلانا وكذباه فهو كما لو لم يشهد ولو قالا لا ندري وربما نسيناه احتمل تصديقه وتكذيبه ولو أقام بينة على الشاهدين بأنهما أقرا بالشهادة فالأقوى السماع وإذا لم يقم بينة على الأداء وحلف رب المال بقيت مطالبته بحالها فان أخذ المال من الأصيل فذاك وان أخذه من الضامن مرة أخرى لم يرجع بهما لأنه مظلوم باحديهما فلا يرجع الا على من ظلمه وفي قدر رجوعه للشافعية وجهان أحدهما انه لا يرجع بشئ أما بالأول فلانه قصر عند أدائه بترك الاشهاد وأما بالثاني فلاعترافه بأنه مظلوم به والأظهر عندهم انه يرجع لأنه غرم لابراء ذمته وعلى هذا يرجع بالأول لأنه المبرء للذمة أو بالثاني لأنه المسقط للمطالبة فيه لهم وجهان مسألة إذا ضمن المريض في مرض موته فإن كان على وجه يثبت له الرجوع ووجد الضامن مالا يرجع فيه فالضمان صحيح يخرج من طلب المال لأنه عقد شرعي ناقل للمال ولم يوجد تبرع من المريض فكان ماضيا من الأصيل وإن كان الضمان متبرعا به غير متضمن للرجوع أو كان بالسؤال وله الرجوع لكن لم يجد مالا يرجع فيه بان يموت الأصيل معسرا فهذا الضمان من الثلث لأنه تبرع محض فلا ينفذ في أكثر من الثلث فإذا ضمن المريض تسعين درهما عن رجل بأمره ولا مال للمريض سوى التسعين ومات الأصيل ولم يترك الا نصف التسعين ومات الضامن دخلها الدور وتقريره ان نقول إذا وفت التركة بثلثي الدين فلا دور لان صاحب الحق ان أخذ من الحق تركة الضامن رجع ورثته بثلثي الدين في تركة الأصيل وان أخذ تركة الأصيل وبقى شئ أخذه من تركة الضامن ويقع تبرعا لان ورثة الضامن لا يجدون مرجعا وان لم تف التركة بالثلاثين كما في هذه الصورة فقد ثبت الدور وتحقيقه ان نقول صاحب الحق بالخيار ان شاء
(٩٧)