وقفا مكان الأول لان حق الوقف أوثق من حق الراهن فإذا كان بدل المرهون مرهونا فبدل الوقف أولي ان يكون موقوفا وأصحاب الطريقين متفقون على الفتوى بصرفها في ثمن عبد وإذا اشترى بها عبد وفضل شئ فهو للموقوف عليه لأنه المالك وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه للواقف وعلى القول بشراء عبد يكون وقفا ان قلنا إن الملك لله تعالى يتولى شراءه الحاكم وان قلنا الموقوف عليه فللموقوف عليه وان قلنا للواقف كما هو رأى بعض الشافعية فوجهان لأنه لا يملك الفوايد والمنافع وخرج بعضهم هذين الوجهين في حق الموقوف عليه أيضا هل يشتري أم لا يشري لان كونه غير مالك للمنفعة ان منع من الشراء فكونه غير مالك الرقبة أولي ان يمنع منه ولا يجوز للمتلف ان يشتري العبد ويقيمه مقام الأول لان الشئ إذا ثبت في ذمته فليس له استيفاؤه من نفسه لغيره إذا عرفت هذا فهل يصير العبد المشتري وقفا بالشراء أو لابد من عقد جديد للشافعية وجهان إحديهما أنه يكون وقفا بالشراء كما في بدل المرهون إذا تلف والثاني انه لابد من عقد جديد وقال الحاكم هو الذي ينشئ عقد الوقف ويحتمل عندهم ان يكون مباشر الشراء يجدون؟ الوقف وهل يجوز شراء جارية بقيمة العبد أو شراء عبد بقيمة جارية الأولى عندهم المنع وفي جواز شراء العبد الصغير بقيمة الكبير وبالعكس وجهان وإن كان القاتل الواقف أو الموقوف عليه فان قلنا إن أحدهما هو القاتل المالك وان القيمة تصرف إليه ملكا في الحالة الأولى فلا قيمة عليه إذا كان هو القاتل والا فالحكم فيه كما في الأجنبي مسألة لو جنى عليه بما يوجب القصاص فان قلنا الملك فيه للواقف أو للموقوف عليه استوفى المالك منهما القصاص وان قلنا إن الملك لله تعالى فهو كعبد بيت المال فيجب القصاص ويستوفيه الحاكم وهو قول بعض الشافعية وقال بعض العامة لا يجب القصاص لأنه محل لا يختص به الموقوف عليه فلم يجز ان يقتص من قاتله كالعبد المشترك إما اروش أطراف العبد الموقوف أو الجناية على العبد الموقوف فيما دون النفس فحكمها في جميع ما ذكرنا حكم قيمته عند أكثر الشافعية وقال بعضهم انه يصرف إلى الموقوف عليه على كل قول وينزل منزلة المهر والاكتساب فحينئذ يكون القصاص والعفو إلى الموقوف عليه لأنه لا يشاركه غيره فيه ولو أوجب القطع مالا أو عفى عن الجاني على مال اشترى به عبدا ان أمكن والا فشقص من عبد يكون وقفا وقيل للموقوف عليه مسألة لو جنى العبد الموقوف جناية توجب القصاص وجب سواء كانت الجناية على الموقوف عليه أو على غيره فان قتل بطل الوقف فيه كما لو مات وان عفى المجني عليه على مال أو كانت الجناية موجبة للمال لم يتعلق برقبته لتعذر بيع الوقف ولكنه يفدي كأم الولد إذا جنت فان قلنا الملك للواقف فهو الذي يفديه وان قلنا لله تعالى فللشافعية ثلاثة أوجه أظهرها انه يفديه الواقف أيضا لأنه بالوقف منع عن بيعه كالمستولدة لما منع الاستيلاد من بيعها أفداها والثاني ان فداه في بيت المال كأرش جناية الحر المعسر والثالث انه يتعلق بكسبه لأنه إذا تعذر التعلق بالرقبة وأقرب الأشياء إليه كسبه فيتعلق به كحقوق النكاح ولان الأرش بعيد تعلقه برقبته لأنها لاتباع وبالموقوف عليه لأنه لا يملكه فكان في كسبه كالحر يكون في ماله وان قلنا إن الملك للموقوف عليه فالفداء عليه كما هو عندنا وقول أكثر الشافعية ولهم وجهان آخران أحدهما انه على الواقف والثاني انا ان قلنا إن الوقف لا يفتقر إلى القبول فهو على الواقف وان قلنا يفتقر فهو على الموقوف عليه لأنه تسبب إلى تحقيق الواقف المانع من البيع وقد انضم إليه كونه مالكا ولو كانت الجناية على طرف واقتص منه بقى الباقي وقفا كما لو تلف بفعل الله تعالى وإذا وجب أرش الجناية على الموقوف عليه وكانت الجناية مثلا قتلا لم يلزم الموقوف عليه أكثر من قيمة الجاني كأم الولد ولو كان الوقف على المساكين فينبغي ان يكون الأرش في كسبه لان مستحقه ليس معينا يجب يمكن ايجاب الأرش عليه ولا يمكن تعلقه برقبته لتعذر بيعها فتعين في كسبه وان قلنا بايجاب الفداء على الواقف لو كان الواقف قد مات قال بعض الشافعية على الوارث الفداء إن كان الواقف قد ترك مالا لان العبد ممنوع بسبب صدر من الواقف حال حياته فلزمه ضمان جنايته فيما له وقال بعضهم لا يفدي من التركة لأنها انتقلت إلى الوارث والملك في الوقف لم ينتقل إليه بقي؟ وجه يتعلق بكسبه وفي وجه يفدي من بيت المال كالحر المعسر الذي لا عاقلة له ولو مات العبد عقيب الجناية بلا فصل سقط الأرش والقصاص عندنا وعلى قول ايجاب الفداء على المالك ما هو رأى بعض الشافعية وجهان أحدهما يسقط كما لو جنى القن ومات وأظهرهما عندهم انه لا يسقط لان تضمين الواقف كان لسببه لأنه صار مانعا من البيع بالوقف ويخالف العبد القن فلا أرش يتعلق برقبته فإذا مات فلا أرش ولا فداء ولا يجري الخلاف فيما إذا جنت أم الولد وماتت وتكرر الجناية من العبد الموقوف كتكررها من أم الولد تذنيب لو مات العبد الموقوف بطل الوقف لفوات محله ولو كان له كسب كان للموجودين مسألة لو وقف شجرة فجفت الشجرة أو قلعها الريح أو انكسرت الشجرة احتمل بطلان الوقف فيها كما لو مات العبد لفوات الأهم من منافعها ولان الوقف منوط باسم الشجرة والباقي جذع أو حطب ليس بشجرة وهو أحد وجهي الشافعية فحينئذ ينقلب الحطب ملكا للواقف عندهم وعندنا يكون للموقوف عليه وأصح الوجهين عندهم المنع من بطلان الوقف وهو الأقوى عندي فحينئذ تصرف منفعته إلى البطون إما بان يوجر للتسقيف أو لغيره ولو لم يبق فيه منفعة البتة فكالتالف فيشعل النار وعند الشافعية على وجه بقاء الوقف فيه وجهان أحدهما يباع ما بقى لتعذر الانتفاع بشرط الواقف وعلى هذا فالثمن كقيمة المتلف فعلى قول يصرف إلى الموقوف عليه وعلى قول يشتري به شجرة أو شقص شجرة من جنسها لتكون وقفا مكان الأولى ويجوز ان يشتري به ودي فيغرس في موضعها وأصحهما عندهم منع البيع لأنه عين الوقف والوقف لا يباع ولا يورث فعلى هذا وجهان أحدهما ينتفع بإجارته جذعا أو أمة للوقف في عينه والثاني يصير ملكا للموقوف عليه كقيمة العبد المتلف والوجه الأول ان أمكن استيفاء منفعة منه مع بقائه والثاني إن كانت منفعة في استهلاكه وإذا ضخت؟ الدابة الموقوفة صار كجفاف الشجرة مسألة إذا خلقت حصر المسجد وبواريه وبليت فالأقرب جواز بيعها لئلا يتلف وتضيع ماليتها ويضيق المكان بها من غير فايدة وكذا نحاتة؟ أخشابه في التجر؟ واستار الكعبة إذا لم يبق فيها منفعة ولا جمال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لهم المنع من بيعها لأنها عين الوقف بل تترك بحالها ابدا وعلى ما اخترناه من جواز البيع وهو الأصح عندهم ان أمكن شراء حصير بثمن الحصير لزم وهو القياس عندهم ولهم قول اخر انه يصرف ثمن الحصير وغيره في مصالح المسجد والأولى المصير إلى الأول ان أمكن شراء حصير به والى الثاني ان لم يمكن وجذع المسجد إذا انكسرت فان صلح لشئ لم يجز بيعه وصرف فيما صلح له وان لم يصلح الا للاحراق بيع فيه وللشافعية فيه الخلاف السابق ولو أمكن ان يتخذ منه أبواب وألواح قال بعض الشافعية يجتهد الحاكم ويستعمل فيما هو أقرب إلى مقصود الواقف ويجري مجرى الخلاف في الدار المنهدمة وفيما إذا أشرف الجذع على الانكسار والدار على الانهدام مسألة إذا فضل من حصر المسجد وبواريه شئ واستغنى المسجد عنه جاز ان يجعل في مسجد اخر وكذا ان فضل شئ من قطعتة؟ أو نقضه لاشتراك المساجد كلها في الانتساب إلى الله تعالى وكذا لو كان للمسجد نخل أو وقف عليه في عمارته واستغنى عن العمارة صرف النماء إلى عمارة مسجد اخر وقال احمد يتخير بين ذلك وبين الصدقة بالفاضل من ذلك على فقراء جيران المسجد وغيرهم لان كسوة المسجد إذا انخرقت تصدق بها وقال لان شيبة بن عثمان الجهني جاء إلى عايشة فقال يا أم المؤمنين ان ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها (فنحقر لها ابادا ندفئها)؟ حتى لا يلبسها الحايض ولا الجنب قالت عايشة بئس ما صنعت ولم تصب ان ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حايض أو جنب لكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فيباع فيها فيضع ثمنها حيث امرته عايشة ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع ونمنع عدم المصرف فان عين الكعب قايمة وقول عايشة ليس حجة مسألة اختلف علماؤنا في جواز بيع الوقف إذا خيف وقوع فتنة بين أربابه أو خرب وتعذرت عمارته قال في المبسوط يجوز وقال في الخلاف إذا خرب الوقف ولا يرجي عوده في أصحابنا من قال يجوز بيعه واستدل بالاخبار
(٤٤٣)