الغاصب متعد بفعله فلم يثبت له فيها حق بخلاف مسئلتنا لا يقال أليس لو صبغ الغاصب الثوب كان شريكا فيه مع تعديه لأنا نقول الصبغ عين ماله وله قلعه فإذا تعذر ذلك كان شريكا بخلاف المتنازع الا ان هذا الفرق يمنع اعتبار مسئلتنا أيضا بالصبغ مسألة لو اشترى دقيقا فخبزه أو لحما فشواه أو شاة فذبحها أو أرضا فضرب من ترابها لبنا أو عرصة وآلات البناء فبناها فيها دارا ثم أفلس كان شريكا بهذه الافعال وللشافعي قولان أما لو علم العبد القرآن أو الصنعة أو الكتابة أو الشعر المباح أو راض الدابة فكذلك عندنا لأن هذه الأفعال تصح المعاوضة عليها فكانت زيادة وقد اختلفت الشافعية فقال أبو إسحاق ان هذه لا يلحق بما تقدم ولا تجري مجرى الأعيان قطعا لأنه ليس بيد المعلم والرايض الا التعليم وقد يجتهد فيه فلا يحصل الغرض فكان كالسمن ونحوه والأصح عندهم وبه قال ابن شريح انها من صور القولين لأنها اعمال يجوز الاستيجار عليها ومقابلتها بالعوض وضبط صور القولين ان يصنع المفلس بالمبيع ما يجوز الاستيجار عليه فيظهر به اثر فيه وانما اعتبرنا ظهور الأثر فيه لان حفظ الدابة وسياستها عمل يجوز الاستيجار عليه ولا يثبت به الشركة لأنه لا يظهر بسببه اثر على الدابة ثم الأثر قد يكون صفة محسوسة كالطحن والقصارة وقد يكون من قبيل الأخلاق كالتعليم والرياضة فعلى أحد قولي الشافعي يأخذ البايع العين زايدة بهذا الوصف ويفوز بالزيادة مجانا وعلى ما اختاره وهو القول الثاني له يباع العين ويكون للمفلس من الثمن بنسبة ما زاد في قيمته فلو كانت قيمة الثوب خاما خمسة ومقصورا ستة كان للمفلس سدس الثمن فلو ارتفعت القيمة بالسوق أو انخفضت فالزيادة أو النقصان بينهما على النسبة ولو ارتفعت قيمة الثوب خاصة بان صار مثل ذلك الثوب خاما يساوي ستة ويسوي مقصورا سبعة فليس للمفلس الا سبع الثمن لان قيمة صنعته والزيادة حصلت في الثوب للبايع ليس للمفلس فيها شئ لأنها زيادة سوقية ولو انعكس الفرض فزادت قيمة الصنع خاصة بان كان مثل هذا الثوب يسوي مقصورا سبعة ويساوى خاما خمسة فالزيادة للمفلس خاصة فيكون له سبعا الثمن وعلى هذا القياس وهل للبايع امساك المبيع ببذل قيمة ما فعله المفلس ومنعه من بيعه الأقرب ذلك لوجوب البيع على كل تقدير واعتبار الأصل بالبقاء أولى إذ لا يجب بذل عينه للمبيع وبه قال بعض الشافعية قياسا على أنه يبذل قيمة الغراس والبناء ومنع بعضهم منه لأنه الصنعة لا يقابل بعوض ونحن لما منعنا فيما تقدم وجوب بذل البناء والغراس بدفع القيمة وأوجبنا هنا دفع الصنعة قلنا ذلك للفرق بين الأعيان التي تعد أصولا وبين الصفات التابعة تذنيبان آ إذا استأجره للقصارة أو الطحن فعمل الأجير عمله كان له حبس الثوب والدقيق لاستيفاء الأجرة ان جعلنا القصارة والطحن كالأعيان كما يحبس البايع المبيع لقبض الثمن وان جعلنا القصارة وشبهها من الآثار فلا ب إذا تمم القصار والطحان العمل وتلف الثوب والطحين في يده ان قلنا إن فعله اثار لا تجري مجرى الأعيان استحق الأجرة كأنه وقع مسلما بالفراغ وان قلنا إنه أعيان لم يستحق حيث تلف قبل التسليم كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل تسليمه مسألة قد ذكرنا حكم الزيادة إذا كانت صفة محضة وبقي ما إذا كانت الزيادة عينا من وجه وصفة من وجه فنقول إذا اشترى ثوبا فصبغه أو سويقا ولته بزيت وأشباه ذلك ثم فلس فإن لم يزد القيمة بالصبغ والزيت أو نقصت كان للبايع الرجوع في عين ماله ولا شئ للمفلس فيه وجرى الصبغ هنا مجرى الصفة إذا لم يزد بها قيمة الثوب فان الثوب مع الصفة يكون للبايع وكذا الصبغ هنا وان زادت القيمة فاما ان يزيد بقدر قيمة الصبغ أو أقل أو أكثر فالأول كما لو كان الثوب يساوي أربعة وكان الصبغ يساوي درهمين وبيع مصبوغا بستة فللبايع فسخ البيع في الثوب ويكون شريكا في الصبغ للمفلس ويكون الثمن بينهما أثلاثا وقال احمد إذا صبغ الثوب وطحن الحنطة أو نسج الغزل أو قطع الثوب قميصا سقط حقه من الرجوع وفي تقدير (تنزيل) الشركة للشافعية احتمالان أحدهما ان يقال كل الثوب للبايع وكل الصبغ للمفلس كما لو غرس الأرض والثاني ان يقال بل يشتركان فيهما جميعا بالأثلاث لتعذر التميز كما في خلط الزيت بمثله والوجه عندي الأول ولو كانت الزيادة أقل من قيمة الصبغ كما لو كانت قيمته مصبوغا خمسة فالنقصان على الصبغ لأنه يتفرق اجزاؤه في الثوب ويهلك في الثوب والثوب قايم بحاله فإذا بيع قسم الثمن بينهما أخماسا أربعة للبايع وواحد للمفلس وإن كانت الزيادة أكثر من قيمة الصبغ كما لو بلغ مصبوغا ثمانية فالزايد على القيمتين انما زاد بصنعة الصبغ فان قلنا إن الصنعة كالقصارة ونحوها من الأعمال أعيان فالزايد على الصبغ للمفلس فيكون لصاحب الثوب أربعة وللمفلس أربعة وان قلنا إنها اثار وقلنا إن الآثار يتبع العين للبايع وليس للمفلس عنها شئ كان للبايع قيمة الثوب واجرة الصبغ وذلك ستة دراهم هي ثلاثة أرباع الثمن وللمفلس قيمة صبغه لا غير وهو درهمان ربع الثمن قال بعض الشافعية وقال بعضهم نقص الزيادة على الثوب والصبغ حتى يجعل الثمن بينهما أثلاثا فيكون ثلثاه للبايع والثلث للمفلس لان الصنعة اتصلت بالثوب والصبغ جميعا والوجه عندي ان الزيادة بأجمعها للمفلس لأنها عوض الصبغ والصنعة معا وهما له لا شئ للبايع فيها ولو ارتفعت القيمة بعد الصبغ فبلغت ستة عشر أو وجد زبون اشتراه بهذا المبلغ ففي كيفية القسمة عند الشافعية الوجوه الثلاثة والربح على كل حال يقسم بحسب قيمة الأصل فإذا عرفت قيمة القدر الذي يستحقه المفلس من الثمن فان شاء البايع تسليمه ليخلص له الثوب مصبوغا فله ذلك ومنع منه بعض الشافعية ولو فرضنا ان المرتفع قيمة الصبغ خاصة كانت الزيادة بأسرها للمفلس لان قيمة الثوب لم تزد فلا يأخذ البايع منها شيئا مسألة لو اشترى ثوبا من زيد وصبغا منه أيضا ثم صبغه وفلس بعد ذلك فللبايع فسخ البيع والرجوع إليهما معا الا ان يكون قيمة الصبغ والثوب معا بعد الصبغ كقيمة الثوب وحدها قبل الصبغ أو دونها فيكون فاقدا للصبغ ويحتمل عندي انه يخير بين اخذه مصبوغا ولا يرجع بقيمة الصبغ وبين الضرب بالثمنين معا مع الغرماء ولو زادت القيمة بان كانت قيمة الثوب أربعة وقيمة الصبغ درهمين وقيمة الثوب مصبوغا ثمانية فعلى ما تقدم من الخلاف في أن الصناعات هل هي اثار أو أعيان ان قلنا اثار اخذها ولا شركة للمفلس وان قلنا أعيان فالمفلس شريك بالربع وقد بينا انه لا يرجع هنا عندنا للزيادة بالصنعة الا في الثوب خاصة فيكون الصبغ والزيادة بأجمعها للمفلس مسألة لو اشترى الثوب من واحد بأربعة هي قيمته والصبغ من آخر بدرهمين هما قيمته وصبغه به ثم أفلس فأراد البايعان الرجوع في العينين فإن كان الثوب مصبوغا لا يساوي أكثر من أربعة وكان خاما يساوي أربعة أيضا فصاحب الصبغ فاقد ماله وصاحب الثوب واجد ماله بكماله ان لم ينقص عن أربعة وناقصا ان نقص وإن كان خاما يساوي ثلاثة ومصبوغا يساوي أربعة كان لصاحب الثوب ثلثه ولصاحب الصبغ درهم واحد والشافعية لم يفصلوا بين الصورتين بل حكموا حكما مطلقا ان الثوب إذا كان مصبوغا يساوي أربعة لا غير فهي لصاحب الثوب وصاحب الصبغ فاقد وإن كان الثوب مصبوغا يساوي أكثر من أربعة فصاحب الصبغ أيضا واجد لماله بكماله ان بلغت الزيادة درهمين وناقصا ان لم تبلغ وإن كانت القيمة بعد الصبغ ثمانية فان قلنا الأعمال اثار فالشركة (فالزيادة) بين البايعين كما قلنا في البايع والمفلس إذا صبغه بصبغ نفسه تفريعا على هذا القول وان قلنا أعيان فنصف الثمن لبايع الثوب وربعه لبايع الصبغ والربع للمفلس مسألة لو اشترى صبغا فصبغ به ثوبا له ثم أفلس أو اشترى زيتا فلت به سويقا ثم أفلس فالأولى ان لبايع الصبغ والزيت الرجوع في عين مالهما وبه قال الشافعي لأنهما وجدا عين أموالهما ممتزجين فكانا واجدين وقال احمد ان بايع الصبغ والزيت يضربان بالثمن مع الغرماء لأنه لم يجد عين ماله فلم يكن له
(٧٠)