شيئا من ماله وتلف في يده الثمن ثم بانت العين مستحقة وللشافعي قولان في أنه هل يقدم على المرتهن وساير الغرماء أحدهما أنه يكون أسوة الغرماء واختلفت الشافعية على طريقين منهم من قال في المسألة قولان أحدهما يقدم حق المشتري لأنه لم يضر بثبوته في ذمة المفلس ولا الراهن ولأنه إذا لم يقدم حقه امتنع الناس من شراء مال المفلس ويؤدي ذلك إلى الاضرار والثاني يكون أسوة الغرماء لتساويهم في ثبوت حقهم في الذمة فاستووا في قسمة ماله بينهم وما قالوه من عدم الاضرار يبطل بحق المجني عليه وما ذكروه من الاضرار قيل نادر ولا يمنع من ابتياعه كما لا يمنع الاخذ من الشفعة من شراء ما فيه الشفعة ومنهم من قال ليست على قولين بل هي على اختلاف حالين الموضع الذي قال إنه يقدم المشتري إذا كان للمفلس مال موجود والموضع الذي قال يكون أسوة الغرماء إذا لم يكن له غير الذي بيع ففك عنه الحجر ثم استفاد مالا فحجر عليه سؤال (بسؤال) الغرماء فإنهم يستوون فيه. مسألة: لو تغيرت حال العدل بفسق أو ضعف وعجز يمنعه من حفظ الرهن فأيهما طلب اخراجه عن يده أخرجه الحاكم من يده لأنه خرج من أهل الأمانة فيه وكذا إذا ظهر بينه وبين أحدهما عداوة فطلب نقله من يده أجيب له ثم إن اتفقا على عدل يضعانه على يده وضع لان الحق لهما وان اختلفا عين الحاكم عدلا يضعه على يده وان اختلفا في تغير حاله بحث عنه الحاكم فان ثبت قول أحدهما عمل عليه فإن كانت حاله تغيرت نقله عنه والا أقره في يده ولم يكن لأحدهما اخراجه الا بإذن الأخر لأنهما رضيا به في الابتداء وكذا لو كان الرهن في يد المرتهن فادعى الراهن تغير حاله بحث عنه الحاكم وعمل بما لا يثبت عنده فان مات لم يكن لورثته امساكه الا بتراضيهما وكذا لو مات المرتهن. الفصل السادس: في زوايد الرهن وبدله. مسألة: الرهن إما ان لا يحتاج إلى مؤنة كالدار والمتاع ونحوه فهذا ليس للمرتهن الانتفاع به بغير اذن الراهن بحال بلا خلاف لان الرهن ملك للراهن فكذا منافعه فليس لغيره اخذها بغير اذنه فان اذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض وكان دين الرهن من قرض فان شرط ذلك في القرض حرم وان لم يشترط فالأقرب الجواز خلافا لأحمد وإن كان الرهن بثمن مبيع أو اجرة دار أو دين غير القرض فاذن له الراهن في الانتفاع جاز وبه قال احمد والحسن وابن سيرين وإسحاق للأصل ولو كان الانتفاع بعوض مثل ان يستأجر المرتهن الدار من الراهن بأجرة مثلها من غير محاباة جاز في القرض وغيره لان الانتفاع ليس بالقرض بل بالإجارة وان حاباه في ذلك فحكمه حكم الانتفاع بغير عوض لا يجوز في القرض مع الشرط ويجوز في غيره وإذا استأجرها المرتهن أو استعارها لم يخرج عن الرهن وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان القبض مستدام ولا منافاة بين العقدين وفي الرواية الثانية يخرج عن كونها رهنا فمتى انقضت الإجارة أو العارية عاد الرهن بحاله وإذا استعار المرتهن الرهن صار مضمونا عليه في موضع يضمن فيه العارية عندنا وعند الشافعي واحمد مطلقا بناء على أن العارية مضمونة مطلقا وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه وان شرط في الرهن ان ينتفع به المرتهن جاز مطلقا وقال احمد يفسد الشرط لأنه ينافي مقتضى الرهن وهو ممكن؟ وعن أحمد رواية انه يجوز في البيع قال أصحابه معناه أن يقول بعتك هذا الثوب بدينار بشرط ان ترهنني عبدك يخدمني شهرا فيكون بيعا وإجارة وهو صحيح وان اطلق فالشرط باطل لجهالة ثمنه وقال مالك لا بأس ان يشترط في البيع منفعة الراهن إلى أجل في الدور والأرضين وكرهه في الحيوان والثياب والقرض واما ان يحتاج إلى مؤنة فحكم المرتهن في الانتفاع به بعوض أو بغير بإذن الراهن كالقسم الأول وان اذن له في الانفاق والانتفاع بقدره جاز لأنه نوع معاوضة واما مع عدم الإذن فإن كان الرهن محلوبا أو مركوبا قال إسحاق واحمد للمرتهن وان ينفق عليه ويركب ويحلب بقدر نفقته وسواء أنفق مع تعذر النفقة من الراهن لغيبته أو امتناعه من الانفاق أو مع القدرة على اخذ النفقة من الراهن واستيذانه وعن أحمد رواية لا يحتسب له بما أنفق وهو متطوع بها ولا ينتفع من الرهن بشئ وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لقوله صلى الله عليه وآله الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه ولأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ولا الانفاق عليه فلم يكن له ذلك كغير الرهن واحتج احمد بقوله (ع) الرهن يركب بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة فجعل منفعته بنفقته ولا يصح ذلك في طرف الراهن لان انفاقه و انتفاعه لا بطريق المعاوضة لأحدهما بالآخر ولان نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد امكنه استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب عليه واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك كما يجوز للمرأة اخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير اذنه والنيابة عنه في الانفاق عليها والنماء للراهن الا ان للمرتهن ولاية صرفها إلى نفقته لثبوت يده عليه وولايته هذا ان أنفق محتسبا بالرجوع واما ان أنفق متبرعا بغير نية الرجوع فإنه لا ينتفع به قولا واحدا والوجه رفع الحاكم إلى الحاكم فان تعذر اشهد بالانفاق وقاص بالنماء واما إن كان الرهن حيوانا غير محلوب ولا مركوب كالعبد والجارية فإنه لا يجوز للمرتهن استخدامه بنفقته لأنه مال الغير فليس له التصرف فيه الا باذنه وهو أحد الروايتين عن أحمد وفي الرواية الأخرى له الانتفاع باستخدام العبد بنفقته وبه قال أبو ثور وليس بشئ واما إن كان غير حيوان كدار استهدمت فعمرها المرتهن لم يرجع بشئ وليس له الانتفاع بها بقدر نفقته فان عمارتها غير واجبة على الراهن فليس لغيره ان ينوب عنه فيما لا يلزمه فان فعل كان متبرعا بخلاف الحيوان فان نفقته واجبة على صاحبه ثم إن كان ذلك بإذن المالك رجع عليه لأنه نابه في الانفاق باذنه وكانت النفقة على المالك كما لو وكله في ذلك وإن كان بغير اذنه فهل يرجع عليه عن أحمد روايتان بناء على ما إذا قضى دينه بغير اذنه لأنه ناب عنه فيما يلزمه وقال أبو الخطاب ان قدر على استيذانه فلم يستأذنه فهو متبرع لا يرجع بشئ وان عجز عن استيذانه فعلى روايتين عنه وكذلك الحكم فيما إذا مات العبد المرهون وكفنه والأول أقيس عندهم إذ لا يعتبر في قضاء الدين العجز عن استيذان الغريم فان انتفع المرتهن بالرهن باستخدام أو ركوب أو استرضاع أو استغلال أو سكنى أو غيره حسب من دينه بقدر ذلك. مسألة: زوايد الرهن إما متصلة كسمن العبد وكبر الشجرة ويتبع الأصل اجماعا في دخولها تحت الرهن واما منفصلة كالثمرة والولد واللبن والبيض والصوف فإنها لا تدخل في الرهن سواء كانت سابقة أو متجددة بعد الرهن الا مع الشرط وبه قال الشافعي واحمد في رواية وأبو ثور وابن المنذر لقوله (ع) الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه والنماء غنم فيكون للراهن ومن طريق الخاصة رواية إسحاق بن عمار الصحيحة عن الكاظم (ع) قلت فان رهن دارا لها غلة لمن الغلة قال لصاحب الدار ولأنه حق تعلق بالأصل يستوفي من ثمنه فلا يسري إلى غيره كحق الجناية ولأنها عين من أعيان ملك الراهن لم يعقد عليها عقد رهن فلم يكن رهنا كساير ماله وقال الشعبي والنخعي واحمد يدخل النماء المتصل والمنفصل في رهن الأصل إذا تجدد المنفصل بعد الرهن واما المتصل فيدخل مطلقا لأنه حكم ثبت في العين بعقد الملك فيدخل فيه النماء والمنافع كالملك بالبيع وغيره وهو ممنوع وقال الثوري وأصحاب الرأي في النماء يتبع وفي الكسب لا يتبع لان الكسب لا يتبع في حكم الكتابة والاستيلاد والتدبير فلا يتبع في الرهن كاعيان مال الراهن وقال مالك الولد يتبع في الرهن خاصة دون ساير النماء لان الولد يتبع الأصل في الحقوق الثابتة كولد أم الولد وقال الشافعي لو رهنه ماشية مخاضا فالنتاج خارج من الرهن وخالفه أبو ثور وابن المنذر وكما أن هذه الزوايد غير مرهونة فكذا مهر الجارية إذا وطئت بالشبهة وبلا ولي لأنه غير حاصل من نفس المرهون وبه قال الشافعي وعن (عند) أبي حنيفة انه مرهون أيضا ولا خلاف في أن الكسب المرهون ليس بمرهون هذا في الزوايد الحادثة بعد الرهن. مسألة: لو رهن حاملا ومست الحاجة إلى البيع وهي حامل بعد فيباع كذلك
(٣٧)