أو أودعتكها أو استأمنتكها أو أبرأتك عن الضمان فالأقرب سقوط الضمان عنه وعوده أمينا لان التضمين لحق المالك وقد رضي بسقوطه وهو أصح قولي الشافعية والثاني انه لا يزول الضمان ولا يعود أمينا وهو قول ابن شريح لظاهر قوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤدي وكذا الخلاف فيما لو حفر بئرا في ملك غيره عدوانا ثم أبرأه المالك عم ضمان الحفر. ج: لو قال المالك أودعتك كذا ابتداء فان خنت ثم تركت الخيانة عدت أمينا لي فخان وضمن ثم ترك الخيانة لم تزل الخيانة ولم يعد أمينا وبه قال الشافعي لأنه لا ضمان حينئذ حتى يسقط وهناك الضمان ثابت فيصح اسقاطه ولان الاستيمان الثاني معلق مسألة: لو قال خذ هذا وديعة يوما وغير وديعة يوما فهو وديعة ابدا ولو قال خذ هذه وديعة يوما وعارية يوما فهو وديعة في اليوم الأول وعارية في اليوم الثاني وهل يعود وديعه منع الشافعية منه وقالوا لا يعود وديعة ابدا. مسألة: إذا مزج المستودع الوديعة بماله مزجا لا يتميز أحدهما عن صاحبه كدراهم مزجها بمثلها أو دنانير مزجها بمثلها بحيث لا مايز بين الوديعة وبين مال المستودع أو مزج الحنطة بمثلها كان ضامنا سواء كان المخلوط بها دونها أو مثلها أو أزيد منها وبه قال الشافعي لأنه قد تصرف في الوديعة تصرفا غير مشروع وعيبها بالمزج فان الشركة عيب فكان عليه الضمان ولأنه خلطها بماله خلطا لا يتميزا فوجب ان يضمنها خلطها بدونه وقال مالك ان خلطها بمثلها أو الأجود منها لم يضمن وان خلطها بدونها ضمن لأنه لا يمكنه ردها الا ناقصة وهو آت في التساوي والا زيد فان الشركة عيب والوقوف على عين الوديعة غير ممكن فاشتمل ذلك على المعاوضة وانما تصح برضاء المالك ولو مزجها بمال مالكها لان كان له عنده كيسان وديعة فمزج أحدهما بالآخر بحيث لا يتميز ضمن أيضا لأنه تصرف تصرفا غير مشروع في الوديعة وربما ميز بينهما لغرض دعاء إليه فالخلط خيانة وكذا لو أودعه كيسا وكان في يده له كيس آخر أمانة مجردة بان وقع عليه اتفاقا فمزج أحدهما بالآخر كان ضامنا أيضا وكذا لو كان الكيس الأخر في يده على سبيل الغصب من مالك الوديعة وبالجملة على اي وجه كان. مسألة: لو أودعه عشرة دراهم مثلا في كيس فإن كان مشدودا أو مختوما فكسر الختم وحل الشد أو فعل واحدا منهما ضمن لأنه هتك الحرز على ما تقدم وان لم يكن الكيس مشدودا ولا مختوما فاخرج منهما درهما لنفقته ضمنه خاصة لأنه لم يتعد في غيره فان رده لم يزل عنه الضمان فإن لم يختلط بالباقي لم يضمن الباقي لأنه لم يتصرف فيه وكذا ان اختلط وكان متميزا لم يلتبس بغيره وان امتزج بالباقي مزجا ارتفع معه الامتياز فالوجه انه كذلك لا يضمن الباقي بل الدرهم خاصة لان هذا الاختلاط كان حاصلا قبل الاخذ وهو أصح قولي الشافعية والثاني ان عليه ضمان الباقي لخلطه المضمون بغير المضمون فعلى ما اخترناه لو تلفت العشرة لم يلزمه الا درهم واحد ولو تلف منها خمسة لم يلزمه الا نصف درهم ولو اتفق الدرهم الذي اخذه ثم رد مثله إلى موضعه لم يبرأ من الضمان ولا يملكه صاحب الوديعة الا بالقبض والدفع إليه ثم إن كان المردود لا يتميز عن الباقي صار الكل مضمونا عليه لخلطه الوديعة بمال نفسه وإن كان يتميز فالباقي غير مضمون عليه مسألة لو أتلف بعض الوديعة فإن كان ذلك البعض منفصلا عن الباقي كالثوبين إذا أتلف أحدهما لم يضمن الا المتلف لان العدوان انما وقع فيه فلا يتعدى الضمان إلى غيره وإن كان الايداع واحدا وإن كان متصلا كالثوب الواحد يخرقه أو يقطع طرف البعد أو البهيمة فإن كان عامدا في الاتلاف فهو جان على الجميع فيضمن الكل وإن كان مخطيا ضمن ما أتلفه خاصة ولم يضمن الباقي وهو أصح وجهي الشافعية لأنه لم يتعد في الوديعة ولا خان فيها وانما ضمن المتلف لفواته وصدور الهلاك منه فيه مخطيا وفي الثاني لهم انه يضمنه أيضا ويستوي العمد والخطأ فيه كما استويا في القدر التالف البحث الثاني في الايداع مسألة إذا أودع المستودع الوديعة غيره فإن كان بإذن المالك فلا ضمان عليه اجماعا لانتفاء العدوان وان لم يكن بإذن المالك فلا يخلو إما ان يكون يودع من غير عذر أو لعذر فان أودع من غير عذر ضمن اجماعا لان المالك لم يرض بيد غيره وأمانته ولا فرق بين ان يكون ذلك الغير عبده أو جاريته أو زوجته أو ولده أو أجنبيا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وذلك لعموم الدليل في الجميع وقال مالك ان له ان يودع زوجته وقال أبو العباس بن شريح من الشافعية إذا استعان بزوجته أو خادمه في خباء الوديعة ولم يغب عن نظره جاز ولا ضمان عليه وقال أبو حنيفة واحمد له ان يودع من عليه نفقته من ولد ووالد وزوجة وعبد ولا ضمان عليه بكل حال لأنه حفظ الوديعة بمن يحفظ به ماله فلم يلزمه الضمان كما لو حفظها بنفسه وهو غلط لأنه لو سلم الوديعة إلى من لم يرض به صاحبها مع قدرته على صاحبها فضمنها كما لو سلمها إلى الأجنبي والقياس عليه باطل لأنه إذا حفظ ماله بخادمه أو زوجته فقد رضي المالك بذلك بخلاف صورة النزاع مسألة إذا أودع من غير اذن المالك ولا عذر ضمن وكان لصاحبها ان يرجع على من شاء منهما إذا تلفت فان رجع على المستودع الأول فلا رجوع له على الثاني وان رجع على المستودع الثاني كان للمستودع الثاني ان يرجع على المستودع الأول لأنه دخل معه على أن لا يضمن وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ليس للمالك ان يضمن الثاني لان قبض الثاني تعلق به الضمان على الأول فلا يتعلق به ضمان على الأخر وهو ممنوع لأنه قبض مال غيره ولم يكن له قبضه فإذا كان من أهل الضمان في حقه ضمنه كما لو استودعه إياه الغاصب ودليله ضعيف لان المستودع الأول ضمن بالتسليم والثاني بالتسلم مسألة ولا فرق عندنا بين ان يودع المستودع الوديعة عند القاضي أو عند غيره وللشافعية وجهان حكاهما ابن حامد فيما إذا وجد المالك وقدر على الرد عليه وفيما إذا لم يجد أحدهما انه لا يضمن إما إذا كان المالك حاضرا فلان أمانة القاضي أظهر من أمانة المستودع فكأنه جعل الوديعة في مكان أحرز واما إذا كان غائبا فلانه لو كان حاضرا لألزمه المودع الرد فإن كان غايبا ناب عنه القاضي والأظهر عند أكثر الشافعية انه يضمن إما إذا كان المالك حاضرا فلانه لا ولاية للقاضي على الحاضر الرشيد فأشبه سائر الناس واما إذا كان غايبا فلانه لا ضرورة بالمودع إلى اخراجها من يده ولم يرض المالك بيد غيره فليحفظه إلى أن يجد المالك أو يتجدد له عذر وعلى تقدير تجويز الدفع إلى القاضي هل يجب على القاضي القبول إذا عرضها المستودع عليه إما إذا كان المالك حاضرا والتسليم إليه متيسرا فلا وجه لوجوبه عليه واما إذا لم يكن كذلك ففي ايجاب القبول للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه التزم حفظه فيؤمر بالوفاء به وأظهرهما الايجاب لأنه نايب عن الغايب ولو كان المالك حاضرا لألزم القبول ولو دفع الغاصب الغصب إلى القاضي ففي وجوب القبول عليه الوجهان لكن هذه الصورة أولي بعدم الوجوب ليبقى مضمونا للمالك والى المديون إذا حمل الدين إلى القاضي فكل موضع لا يجب على ذو الدين القبول لو كان حاضرا ففي القاضي أولي وكل موضع يجب على المالك قبوله ففي القاضي الوجهان وهذه الصورة أولي بعدم الوجوب وهو الاظهر عندهم لان الدين ثابت في الذمة لا يتعرض للتلف وإذا تعين تعرض له ولان من في يده العين يثقل عليه حفظها وجميع ما ذكرناه فيما إذا استحفظ الغير وأزال يده ونظره على الوديعة إما إذا استعان به في حملها إلى الحرز فلا بأس كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها فروع آ لو كانت له خزانة مشتركة بينه وبين أبيه فدفع الوديعة إلى أبيه
(١٩٩)