يضمن من غير تعد والأقرب عندي ان المستعير يضمن لأنه استعار عارية هي في معرض الاتلاف ولو استعار عبدا من اثنين فرهنه بمائة ثم قضى خمسين على أن يخرج حصة أحدهما من الرهن لم يخرج لأنه رهنه بجميع الدين في صفقة فلا ينفك بعضه بقضاء بعض الدين كما لو كان العبد لواحد هذا إذا كان الرهن على جميع الدين وعلى كل جزء منه مسألة لو استعار الدراهم للانفاق بلفظ العارية فالأقرب انها عارية فاسدة لان مقتضى العارية الانتفاع بالعين مع بقائها لمالكها فحينئذ ليس له ان يشتري بها شيئا لان العارية قد فسدت ولم يحصل هناك قرض ويحتمل استباحة التصرف عملا بالاذن وقال أصحاب الرأي أنه يكون قرضا فعلى ما قلناه يكون أمانة محضة كالعارية الصحيحة وعند القائلين بضمان العارية الصحيحة تكون الفاسدة مضمونة أيضا لو استعار شيئا واذن المالك له في اجارته مدة معلومة أو في عاريته جاز مطلقا ومدة معينة لان الحق لمالكه فاستباح ما اذن له فيه وليس للمعير الرجوع في العارية بعد عقد الإجارة حتى ينقضي المدة لتعلق حق المستأجر بها وعقد الإجارة لازم ويكون العين غير مضمونة على المستأجر ولا على المستعير عندنا وعند العامة تكون مضمونة بناء على ضمان العواري ولو اجر المستعير بغير اذن بطلت الإجارة وكان للمالك الرجوع بالأجرة على من شاء منهما فان أجاز الإجارة كان له المسمى وان لم يجز كان له أجرة المثل مسألة لا يجوز للمعير الرجوع في العارية إذا حصل بالرجوع ضرر بالمستعير لا يستدرك كما لو اعاره لوحا يرقع به السفينة فرقعها به ثم يجج في البحر لم يجز للمعير هنا الرجوع ما دامت السفينة في البحر لما فيه من خوف الغرق الموجب لذهاب المال أو تلف النفس ويحتمل ان له الرجوع ويثبت له المثل أو القيمة مع تعذر المثل لما فيه من الجمع بين المصالح وله الرجوع لو لم يدخل السفينة في البحر أو خرجت منه لعدم التضرر فيه ولو اعاره حايطا ليضع عليه أطراف خشبه جاز له الرجوع قبل الوضع اجماعا وبعده مع الأرش ما لم يكن الأطراف الأخر مبنية في ملك المستعير ويؤدي إلى خراب ما بناه المستعير عليه ففيه خلاف ولو قال المعير انا ادفع إليه أرش ما نقص بالقلع لم يجب على المستعير اجابته ان منعنا الرجوع هنا لأنه إذا قلعه انقلع ما في ملك المستعير منه ولا يجب على المستعير قلع شئ من ملكه بضمان القيمة وقد سبق مسألة لو انفذ رسولا إلى شخص ليستعير منه دابة يمضي عليها إلى قرية معينة فمضى الرسول وكذب في تعيين القرية وأخبر المالك بان المستعير يطلب الدابة إلى قرية أخرى فدفع المالك دابته إليه فان خرج بها المستعير إلى ما عينه الرسول وكذب فيه فتلفت لم يكن على أحد ضمان لان صاحبها أعار الدابة إلى ذلك الموضع ولو خرج بها المستعير إلى ما طلبه المستعير وقاله لرسوله فتلفت ضمن المستعير لان المالك انما اذن فيما اخبره الرسول لا فيما طلبه المستعير فيكون المستعير قد تجاوز الاذن فكان ضامنا سواء عرف المستعير بالحال أو لا واما الرسول فلا ضمان عليه لان التلف حصل في يد المستعير فاستقر الضمان عليه المقصد الثالث في الشركة وفيه فصول الأول الماهية الشركة هي اجتماع حقوق الملاك في الشئ الواحد على سبيل الشياع أو استحقاق شخصين فصاعدا على سبيل الشياع أمرا من الأمور وسبب الشركة قد يكون إرثا أو عقدا أو مزجا أو حيازة بان يقتلعا شجرة أو يفترقا ماء دفعة بآينة فكل ما هو ثابت بين اثنين فصاعدا مشاع بينهما يقال إنه مشترك بينهما وهو ينقسم إلى عين ومنفعة وحق وبالجملة فهو ينقسم إلى ما لا يتعلق بالمال كالقصاص وحد القذف ومنفعة كلب الصيد الباقي من مورثهم والى ما يتعلق بالمال وهو إما ان يكون عينا ومنفعة كما لو ورث اثنان أو جماعة مالا أو غنموه أو اشتروه في عقد واحد أو متعدد أو اتهبوه أو قبلوا الوصية به أو الصدقة واما ان يكون مجرد منفعة كما لو استأجروا عبدا واوصى لهم بسكنى دار واما ان يكون مجرد عين خالية عن المنفعة كما لو ورثوا عبدا موصى بخدمته وجميع منافعه على التأبيد واما حق يتوسل به إلى مال كالشفعة التي يثبت لجماعة وخيار الشرط وخيار الرد بالعيب والرهن ومرافق الطرق وعلى كل تقدير فالشركة قد تحدث بغير اختيار الشريك كما لو ورثوا مالا وامتزج مالاهما بغير اختيارهما أو باختيارهما كما لو مزجا المالين أو اشتركا في الشراء والمقصود في هذا المقصد البحث عن الشركة الاختيارية المتعلقة بالتجارة وتحصيل الربح والفايدة مسألة الشركة جايزة بالنص والاجماع إما النص فمن الكتاب والسنة إما الكتاب فقوله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل أضاف الغنيمة إليهم وجعل الخمس مشتركا بين الأصناف المذكورين وقوله تعالى فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث وقال تعالى وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات والخلطاء هو الشركاء في أمثال ذلك واما السنة فما رواه العامة عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كان له شريك في ربع أو حايط فلا يبعه حتى يؤذن شريكه وعن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال انا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما يعني ان البركة تنزع من مالهما وكان ابن السايب شريكا للنبي صلى الله عليه وآله قبل المبعث وافتخر بشركته بعد المبعث فلم ينكر عليه وكان البراء ابن عازب وزيد بن أرقم شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسية فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فأمرهما ان كل ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسية فردوه ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل يشاركه الرجل في السلعة قال إن ربح فله وان وضع فعليه وعن الحسين بن المختار أنه سأل الصادق (ع) عن الرجل يكون له الشريك فيظهر عليه انه قد اختان منه شيئا أ له ان يأخذ منه مثل الذي أخد من غير أن يبين ذلك فقال سترة لهما اشركا بأمانة الله اني لا أحب له ان رأى شيئا من ذلك ان يستر عليه وما أحب له ان يأخذ منه شيئا بغير علمه والاخبار في ذلك كثيرة ومن طرق العامة وطرق الخاصة واما الاجماع فإنه لا خلاف بين المسلمين في جوازها على الجملة وان اختلفوا في أنواع منها مسألة الشركة على أربع أنواع شركة العنان وشركة الأبدان وشركة المفاوضة وشركة الوجوه فاما شركة العنان فان يخرج كل مالا ويمزجاه ويشترطا العمل فيه بأبدانهما واختلفوا في اخذها من اي شئ فقيل أخذت من عنان الدابة إما الاستواء الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرف العنان أو تساويا الفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير يكونان سواء واما لان كل واحد منهما يمنع الأخر من التصرف كما يشتهي ويريد كما يمنع العنان الدابة واما لان الاخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه على العنان ويده الأخرى مطلقة يستعملها كيف شاء كذلك الشريك بالشركة منع نفسه عن التصرف في المشترك كما يشتهي وهو مطلق اليد والتصرف في ساير أمواله وقيل هي مأخوذة من الظهور يقال عن الشئ إذا ظهر إما لأنه أظهر لكل واحد منهما مال صاحبه وإما لأنه أظهر وجوه الشركة ولذلك وقع الاجماع من العلماء على صحتها واختلفوا في غيرها وقيل إنها مأخوذة من المعانة وهي المعاوضة لان كل واحد منهما يخرج ماله في معاوضة اخراج الأخر فكل واحد من الشريكين معارض لصاحبه بماله وفعاله وقال الفراء انها مأخوذة من عن الشئ إذا عرض يقال عنت لي حاجة إذا عرضت فسميت بذلك لان كل واحد منهما عن له ان يشارك صاحبه واما شركة الأبدان فان يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبون بأيديهم كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم على التساوي أو التفاوت واما
(٢١٩)