وغيره لان ما جاز التقاطه جاز ملكه بالتعريف كالأثمان وعن أحمد روايتان هذا أظهرهما عنده والثانية وعليها أكثر أصحابه ان العروض لا يملك بالتعريف وفرقوا بينهما وبين الأثمان واختلفوا فيما يصنع بها فقال بعضهم يعرفها ابدا وقال بعضهم هو بالخيار بين ان يقيم على تعريفها حتى يجئ صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم حتى يرى فيها رأيه وهل له بيعها والصدقة بثمنها روايتان لان ابن عمر وابن عباس وابن مسعود قالوا بذلك ولأنها لقطة لا تملك في الحرم فلا تملك في غيره كالإبل ولان الخبر في الأثمان وغيرها لا يساويها لعدم الغرض المتعلق بعينها فمثلها يقوم مقامها من كل وجه بخلاف غيرها ونقلهم عن ابن عمر وغيره ممنوع لما تقدم من نقل (ضده)؟
على أن قول هؤلاء ليس حجة ونمنع انها لا تملك في الحرم وهو منقوض بالأثمان ولا يصح قياسها على الإبل لان معها حذاها وسقاها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يأتيها مالكها ولا يوجد ذلك في غيرها ولان الإبل لا يجوز التقاطها فلا تملك به وهنا يجوز التقاطها فتملك كالأثمان ولا يصح قياسها على لقطة الحرم لان الحرم متميز بان لقطته لا يضمنها الا منشد ولهذا لم يضمن الأثمان بالتقاطها فيه فلا يلزم ان لا يملك في موضع اخر لم يوجد المانع نية ونمنع خصوصية النص في الأثمان بل هو عام في كل لقطة وأيضا لو تخصص اللقطة بالأثمان لجاز القياس عليها عندكم إذا وجدت المشاركة بينهما في المعنى كسائر النصوص التي عقل معناها ووجد في غيرها وهنا قد وجد المعنى بل هو اكد لان الأثمان للا يتلف بمضي الأزمنة عليها وانتظار صاحبها ابدا والعروض يتلف بذلك ففي النداء عليها دائما هلاكها وضياع ماليتها على مالكها وملتقطها وسائر الناس وفي إباحة الانتفاع بها وملكها بعد التعريف حفظ لماليتها على صاحبها بدفع قيمتها ونفع غيره فيجب المصير إليه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن إضاعة المال ولاشتماله على المصلحة والحفظ للمال على صاحبه وجب مشروعية التقاطه وتملكه ولان في الملك لها حثا على التقاطها وحفظها وتعريفها لكونه وسيلة إلى الملك المقصود للآدمي وفي نفي ملكها تضييع لها البحث الرابع في وجوب الرد مسألة يجب رد لقطة الحرم على مالكها بعينها مع ظهوره ولا يجوز تملكها بحال بل إما ان يحتفظها دائما ولا ضمان واما ان يتصدق بها بعد الحول وفي الضمان قولان واما لقطة غير الحرم فإن كانت أقل من درهم لم يجب تعريفها وللملتقط التصرف فيها كيف شاء فان جاء صاحبها فإن كانت العين باقية فالأقرب وجوب ردها إليه لأصالة عصمة مال الغير سواء نوى الملتقط التملك أو لا وإن كانت تالفة فالأقرب رد القيمة على اشكال واما ما زاد على ذلك فإن كانت العين باقية ولم يخرج حول التعريف وجب ردها بجميع زوايدها المتصلة والمنفصلة لان النماء تابع للأصل والأصل هنا باق على ملك المالك لم يخرج عنه فيكون النماء له وكذا الحكم لو عرفها حولا ولم ينو التملك لبقاء ملك صاحبها عليها حيث اعتبرنا في تملك الملتقط النية واللفظ ولو بقيت في يده أحوالا كذلك إذا لم ينو التملك ولو عرفها حولا ثم نوى التملك وتملك باللقطة وبالجملة اتى بشرائط التملك أو كمل حول التعريف وقلنا يملك به ثم ظهر المالك فان ردها الملتقط عليه وجب عليه قبولها وليس له المطالبة ببدلها وإن كان الملتقط قد نوى تملكها لأنها لا تنحط عن مرتبة المثل ولا شك في أنه لو دفع إليه المثل لم يكن له المطالبة بغيره فكذا العين ولو لم يدفعها الملتقط فالأقرب انه ليس للمالك انتزاعها لأنها قد صارت ملكا للملتقط فلا ينتقل عنه الا بوجه شرعي كالقرض ليس للمقرض بعد تملك المقترض الرجوع في العين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الاظهر عندهم انه ليس للملتقط الزام المالك بأخذ البدل بل للمالك انتزاع العين لان الملتقط انما يملكها ملكا مراعى ولهذا قال (ع) عرفها سنة فان جاء صاحبها والا فشانك بها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح قال يعرفها سنة فان جاء لها طالب والا فهي كسبيل ماله ولا حجة فيها لاحتمال فان جاء في السنة ونمنع كون الملتقط يملكها ملكا مراعى فإنه نفس المتنازع مسألة إذا زادت اللقطة بعد تملك الملتقط لها ثم جاء المالك فإن كانت الزيادة متصلة تبعت العين واخذها المالك وزيادتها لان الزيادة المتصلة تتبع العين في الرد بالعيب وفي الإقالة فكذا هنا لأنها انما تبعت هناك لكونها بمنزلة الجزء من العين وهذا المقتضى موجود هنا وإن كانت الزيادة منفصلة فهي للملتقط خاصة ويأخذ المالك العين مسلوبة الزيادة كالولد والثمرة لان الزيادة نمت على ملك الملتقط وهي متميزة غير تابعة للعين في المفسوخ فكان له كنماء المبيع إذا رد بعيب وللحنابلة وجه اخر ضعيف ان الزيادة تتبع الأصل أيضا وإن كانت منفصلة بناء على المفلس إذا استرجعت منه العين بعد ان زادت زيادة متميزة والولد إذا استرجع أبوه ما وهبه له بعد زيادته والحكم في المثالين ممنوع بل الزيادة هنا لمن وقعت في ملكه وهو المفلس والولد على انا نمنع الرجوع في هبة الولد بعد التصرف لكن يفرض ذلك في الأجنبي عندنا على أن الفرق قائم بين المتنازع وبين الصورتين المذكورتين لان الملتقط ضمن الأصل وملكه مضمونا بالمثل أو القيمة فكان النماء له ليكون الخراج بالضمان وفي الصورتين لا ضمان على المفلس ولا على الولد فلم يكن لهما الزيادة على أن الحق ما قلناه من كون الزيادة لهما أيضا مسألة لو التقط وعرف حولا ثم ملك ثم باع أو فعل أو وهب أو فعل ما يوجب خروجها عن ملكه ثم جاء المالك لم يكن له اخذ العين لان الملتقط قد تصرف تصرفا صحيحا وكان له اخذ بدلها فان رجعت إلى الملتقط بفسخ أو عقد ناقل كبيع أو هبة أو غير ذلك قبل اخذ البدل فان قلنا للمالك إذا وجد العين بعد التملك المطالبة بها كان له هنا ذلك لأنه وجد عين ماله في يد ملتقطه فكان له اخذه كالزوج إذا طلق قبل الدخول فوجد الصداق قد رجع إلى المراة وان قلنا ليس له الرجوع هناك إلى العين بل الواجب له المثل أو القيمة فعدم الرجوع في العين هنا أولي ولو كان الملتقط قد باعها بخيار ثم جاء مالكها في مدة الخيار لم يكن له فسخ العقد وهو أحد وجهي الشافعية لان فسخ العقد حق العاقد فلا يتمكن غيره منه بغير اذنه والثاني ان له الفسخ ورد بعض الشافعية الوجهين إلى أنه هل يجبر الملتقط على الفسخ ويجوز عندهم فرض الوجهين في الانفساخ كالوجهين فيما إذا باع العدل الرهن بثمن المثل فظهر طالب في مجلس العقد بزيادة مسألة لو باع الملتقط اللقطة أو اشترى بها شيئا بعد ان تملكها لم يكن للمالك الرجوع في الثمن الذي باع به الملتقط ولا في العين التي اشتراها بها بل يرجع إلى مثل اللقطة أو قيمتها لأنه الواجب له الا ان يشتري لصاحبها لا له فان اشترى بالعين بعد التملك لم يصح لأنه لا يجوز ان يشتري الانسان لغيره بمال ليس للغير وان اشترى في الذمة ونسب فان جاء صاحبها وأجاز الشراء كان له وان لم يجز الشراء كان له المطالبة بالمثل أو القيمة وإن كان الملتقط قد أضاف الشراء إليه في العقد وسماه كان له الفسخ واخذ عين ماله لان الملتقط لم يشتر لنفسه بل على حد الوكالة التي لم يأذن الموكل في الشراء فيها ولو كان الملتقط قد اشترى بالعين جارية لنفسه ثم ظهر انها بنت صاحب اللقطة لم يعتق عليه ولم يجز له اخذها من الملتقط لأن الشراء وقع له ولما رواه أبو العلاء عن الصادق (ع) قال قلت له رجل وجد مالا فعرفه حتى إذا مضت السنة اشترى منه خادما فجاء طالب المال فوجد الجارية التي اشتريت بالدراهم هي ابنته قال ليس ان يأخذ الا دراهمه وليس له البنت انما له رأس ماله كانت ابنته مملوكة قوم مسألة اللقطة في حول التعريف أمانة في يد الملتقط إذا لم يتملكها قبل التعريف ولا فرط ولا تعدى فيها فلو تلفت لم يكن عليه شئ وكذا لو نقصت وان أتلفها الملتقط أو تلفت بتفريطه ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال وبقيمتها ان لم يكن لها مثل بغير