في الدين وبه قال الشافعي قال لأنا ان قلنا إن الحمل يعلم فكأنه رهنهما والا فقد رهنها والحمل محقق صفة ونحن نقول إن الرهن لا يتعدى إلى الحمل ما لم يشترطه في العقد سواء كان ظاهرا أو لا ولو ولدت قبل البيع لم يكن رهنا كما تقدم وللشافعي قولان مبنيان على أن الحمل هل يعلم أن قلنا لا فهو كالحادث بعد العقد وان قلنا نعم فهو رهن يباع مع الام كما لو رهن شيئين وزاد بعض الشافعية فقال إن قلنا نعم ففي كونه مرهونا قولان لضعف الرهن عن الاستتباع فان قلنا الولد لا يكون مرهونا كما اخترناه وهو أحد قوليه فلو صرح في العقد فقال رهنتها مع حملها صح عندنا وتردد أصحاب الشافعي فيه والظاهر عندهم انه لا يكون مرهونا أيضا إذ لو جاز ذلك لجاز افراره بالرهن لو حملت بعد الرهن وبقيت حاملا عند الحاجة إلى البيع فان قلنا الحمل لا يعلم بيعت وهو كالزيادة متصلة وان قلنا يعلم لم يكن الولد مرهونا وتعذر بيعها لان استثناء الحمل لا يمكن ولا سبيل إلى بيعها حاملا وتوزيع الثمن على الام والحمل لان الحمل لا يعرف قيمته ولو رهن نخلة فاطلعت بعد الرهن لم يدخل الطلع في الرهن عندنا الا مع الشرط وللشافعية طريقان أحدهما ان بيعها مع الطلع على قولين كما في الحمل والثاني القطع بان الطلع غير مرهون لأنه يمكن افراده بالعقد فلا يجعل تبعا فإذا قلنا إنه غير مرهون يباع النخل ويستثنى الطلع بخلاف الجارية الحامل ولو كانت مطلعة وقت الرهن ففي دخول الطلع عندهم قولان فان أدخلناه فجاء وقت البيع وهو طلع بعد بيع مع النخيل وان أبرت فطريقان أحدهما ان الحكم كما إذا ولدت الحامل والثاني القطع ببيعه مع النخل لأنه معلوم مشاهد وقت الرهن إذا عرفت هذا فمتى تعتبر الزيادة إما عندنا فلا فائدة لهذا البحث لأنها لا تدخل في الرهن مطلقا الا مع الشرط واما عند الشافعي ففي اعتبارها وجهان أحدهما انها يعتبر حالة العقد في مقارنة الولد وحدوثه بعده والثاني ان الاعتبار بحالة القبض لان الرهن به يتم. مسألة: لو جنى على المرهون فوجب الأرش كان الأرش رهنا كالأصل وليس من الزوايد لأنه بدل جزء من المرهون وكذا لو افتض البكر كان الأرش رهنا لأنه عوض جزء الرهن ولو أفضاها وجب عليه قيمتها لأنه أتلف بضعها فيكون القيمة رهنا كالأصل ولو ضرب الجارية المرهونة ضارب فألقت جنينا فعليه عشر قيمة الام ولا يكون مرهونا عندنا وعند الشافعي لأنه بدل الولد فان دخلها نقص لم يجب بسببه شئ اخر لكن قدر الأرش النقصان من العشر يكون رهنا وان التقت حيا فمات فعلى الجاني قيمة الجنين حيا وأرش نقص الام ان انتقضت وهو أصح قولي الشافعي وحينئذ يكون قيمة الجنين لصاحبه غير داخل في الرهن واما أرش النقص فإنه يكون داخلا في الرهن والثاني للشافعي انه يجب أكثر الامرين من أرش النقص أو قيمة الجنين فإن كان الأرش أكثر فالمأخوذ رهن كله وإن كانت القيمة أكثر فقدر الأرش من المأخوذ رهن ولو ضرب دابة رهنا فألقت جنينا ميتا فليس على الضارب سوى أرش النقص ان نقصت ويكون رهنا. مسألة: بدل الرهن رهن فإذا جنى جان على العبد المرهون قال الشيخ رحمه الله الخصم فيه هو السيد دون المرتهن لان السيد هو المالك لرقبته والأرش الواجب بالجناية ملكه وليس للمرتهن الا حق الوثيقة فان أحب المرتهن ان يحضر خصومته كان له فإذا قضى للراهن بالأرش تعلق به حق الوثيقة للمرتهن وبه قال الشافعي وغيره وكذا إذا جنى على العبد المستأجر والعبد المودع فان الخصم هو المالك فان ترك المطالبة أو اخرها أو كان غايبا أو له عذر يمنعه من المطالبة فللمرتهن المطالبة بها لان حقه متعلق بموجبها فكان له الطلب به كما لو كان الجاني سيده فان أقر الجاني ثبت الجناية وان أنكر وكان لسيد العبد بينة أقامها وان لم يكن له بينة كان القول قول المدعى عليه الجناية مع يمينه فان حلف برئ وان نكل رددنا اليمين على الراهن فان حلف يثبت الجناية وان نكل فهل يحلف المرتهن قولان للشافعي كما في يمين الغريم إذا نكل الوارث وسواء كانت الجناية عمدا أو خطأ لان العمد وان أوجب القصاص فقد يعفو السيد ويتعلق حق المرهن بالدية إذا عرفت هذا فإن كانت الجناية عمدا كان للسيد ان يقتص لأنه حق له وانما ثبت ليستوفي وليس للمرتهن مطالبته بالعفو فان اقتص سقط حق المرتهن من الرهن وليس له مطالبة الراهن ببدل عنه وبه قال الشافعي لأنه لم يجب بالجناية مال ولا استحق بمال وليس على الراهن ان يسعى للمرتهن في اكتساب مال وقال احمد وإسحاق على السيد ان يجعل القيمة مكانه رهنا لأنه أتلف مالا استحق بسبب اتلاف الرهن فغرم قيمته كما لو كانت الجناية موجبة للمال وليس بجيد لان الواجب في قتل العمد عندنا القصاص وانما يثبت المال لو تصالحا عليه ثم قالوا انما يؤخذ من السيد أقل القيمتين فيجعل رهنا لان حق المرتهن انما يتعلق بالمال والواجب من المال هو أقل القيمتين لان الرهن إن كان أقل لم يجب أكثر من قيمته وإن كان الجاني أقل لم يجب أكثر من قيمته فإذا اقتص المولى من الجاني كان العبد المجني عليه مرهونا عند المرتهن وان عفى الولي على مال كان المال ملكا للسيد ورهنا مع العبد عند المرتهن لان الأرش عوض ما تلف من اجزاء العبد وان عفى على غير مال أو عفى مطلقا صح العفو ولم يكن للمرتهن مطالبة الراهن بشئ وهو أحد قولي الشافعي لأنا قد بينا ان الواجب في العمد هو القصاص لا غير وليس للمرتهن مطالبة الراهن بالعفو على مال لان اختيار المال ضرب من الكسب ولا يجبر الراهن عليه بحق المرتهن والثاني للشافعي ان الواجب في العمد أحد الامرين إما القصاص أو المال فإذا عفى على غير مال أو مطلقا لم يصح العفو ويثبت المال لان اسقاط القصاص يتعين به وجوب المال فإذا أسقطه أسقط ما تعلق به حق المرتهن ويثبت المال ويكون رهنا. مسألة: بدل الرهن قد بينا أنه يكون رهنا كالأصل فيجعل في يد من كان الأصل في يده من المرتهن أو العدل والى ان يؤخذ هل يقال بأنه مرهون قال بعض الشافعية لا يكون مرهونا لأنه دين والديون لا يكون مرهونة فإذا تعين صار مرهونا والحالة المتخللة كتخمير العصير وتخلله بعده وقال آخرون هو مرهون كما كان والمسلم انه لا يرهن الدين ابتداء وقد بينا ان الخصومة يتعلق بالمالك والجاني فلو بعد المالك عن الخصومة فالأقرب ان المرتهن يخاصم وكذا المستأجر إذا ادعى العين وقال لمن هي في يده انها ملك فلان اجرها مني وانما لا يدعي المستأجر القيمة لان حقه لا يتعلق بها وهذا أقيس قولي الشافعي وأصحهما عندهم ان المرتهن لا يخاصم ثم الجاني ان أقر بالجناية أو أقام الراهن البينة أو حلف بعد نكول المدعي عليه يثبت الجناية فان نكل الراهن ففي احلاف المرتهن للشافعي قولان كما إذا نكل المفلس هل يحلف الغرماء ولو لم يقتص الراهن في الحال ولا عفى ففي اجباره على أحدهما للشافعية طريقان أحدهما يجبر ليكون المرتهن على بينة من امره والثاني انا ان قلنا إن موجب العمد أحد الامرين أجبر وان قلنا موجبه القود لم يجبر لأنه يملك اسقاطه فتأخيره أولي بان يملكه وإن كانت الجناية خطأ أو عفى ووجب المال فعفى عن المال لم يصح عفوه لحق المرتهن وفيه قول ان العفو موقوف ويؤخذ المال في الحال لحق المرتهن فان انفك الرهن يرد إلى الجاني وبان صحة العفو والا بان بطلانه ولو أراد الراهن ان يصالح عن الأرش الواجب على جنس اخر لم يجز الا بإذن المرتهن وإذا اذن صح وكان المأخوذ مرهونا ولو برأ المرتهن الجاني لم يصح لأنه ليس بمالك والأقرب سقوط حقه عن الوثيقة بهذا الابراء وهو أحد وجهي الشافعية ويخلص المأخوذ للراهن كما لو صرح باسقاط حق الوثيقة وأصحهما لا لأنه لم يصح ابراؤه فلا يصح ما تضمنه الابراء كما لو وهب المرهون من انسان لا يصح ولا يبطل الرهن. الفصل السابع: في فك الرهن. مسألة: الرهن ينفك بأسباب ثلاثة الفسخ منهما أو من المرتهن وحده فان الرهن جايز من جهته فإذا قال المرتهن فسخت الرهن أو أبطلته أو أقلته منه وما أشبه ذلك جاز وينفك الرهن والثاني تلف المرهون والثالث براءة ذمة الراهن عن الدين بتمامه إما بالقضاء أو الابراء أو الحوالة أو الإقالة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلم فيه المرهون به وإذا تلف الرهن بآفة سماوية بطل الرهن ولو جنى العبد المرهون لم يبطل الرهن بمجرد الجناية ولكن ينظر ان تعلقت الجناية بأجنبي قدم حق المجني عليه لان
(٣٨)