التنجيز فلو علقه بمجئ الشهر أو قدوم زيد لم يصح وكذا لو شرط الضامن الخيار لنفسه كان باطلا لأنه ينافي مقتضى الضمان فان الضامن على يقين من الغرر ولو شرط الخيار للمضمون له لم يضر لان للمضمون له الخيار في الابراء والمطالبة أبدا سواء شرط له أو لا وكذا الكفالة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان شرط الخيار لا يبطلها لكنه يلغو ولو قال إن لم يؤد إليك غدا فانا ضامن لم يصح عندنا وبه قال الشافعي لأنه عقد من العقود فلا يقبل التعليق كالبيع ونحوه وقال أبو حنيفة لو قال رجل لاخر ان لم يعطك فلان مالك فهو علي فتقاضاه صاحب المال فلم يعطه المديون شيئا ساعة تقاضاه لزم الكفيل استحسانا وكما أن عقد الضمان لا يقبل التأقيت فلو قال انا ضامن إلى شهر فإذا مضى ولم أغرم فانا برئ قال ابن شريح إذا جاز على القديم للشافعي ضمان المجهول أو ما لم يجب جاز التعليق لان من ضرورة الضمان قبل الوجوب تعليق مقصوده بالوجوب وبه قال أبو حنيفة وقال الجويني ويجئ في تعليق الابراء القولان بطريق الأولى فان الابراء اسقاط مال وكان لا يمنع من جهة القياس المسامحة به في الجديد أيضا لان سبب امتناع التعليق في الصور المشتملة على الايجاب والقبول خروج الخطاب والجواب بسببه عن النظم اللايق بهما فإذا لم يشترط القبول فيه كان بمثابة الطلاق والعتاق وكل هذا عندنا باطل فان التعليق في الضمان والابراء مبطل لهما عملا بالاستصحاب مسألة إذا قال له إذا بعت عبدك من فلان بألف فأنا ضامن للثمن فباعه بألف (بالفين يبطل الضمان لفقدان الشرط ان قلنا إنه يصح ضمان الألف خاصة والفرق ان من) لم يصح الضمان عندنا لأنه ضمان ما لم يجب وسيأتي بطلانه ولو باعه بالفين فكذلك ومن جوز التعليق جوز في الأول وقال أبو يوسف في الثاني انه يصير ضامنا للألف لان مقصود الضامن ان الزيادة على الألف غير ملتزم ولا غرض له في قدر الثمن وقال بعض الشافعية انه وجه لهم وقال ابن شريح من الشافعية لا يكون ضامنا لشئ لان الشرط وهو البيع بالألف لم يتحقق ولو باعه بخمس مائة ففي كونه ضامنا لها للشافعية الوجهان ولو قال إذا أقرضته عشرة فانا ضامن لها فاقرضه خمسة عشر لم يصح الضمان عندنا (لتعليقه) على الشرط وهو أحد قولي الشافعي وعلى الأخر يصح ويضمن عشرة على الوجهين سواء قلنا إنه إذا قال إذا بعته بألف فانا ضامن من للثمن فباعه بالفين يبطل الضمان لفقدان الشرط أو قلنا إنه يصح ضمان الألف خاصة والفرق ان من اقترض خمسة عشر فقد اقترض عشرة وأما البيع بخمسة عشرة فليس بيعا بعشرة ولو اقرضه خمسة فعن ابن شريح تسليم كونه ضامنا لها قال الجويني وهو خلاف قياسه لان الشرط لم يتحقق مسألة لو ضمن الدين الحال حالا أو اطلق لزمه الدين حالا وان ضمن الدين المؤجل مؤجلا بذلك الاجل أو اطلق لزمه كذلك وان ضمن الحال مؤجلا إلى أجل معلوم صح الضمان والأجل عندنا لأن الضمان تبرع فيحتمل فيه اختلاف الدينين في الكيفية للحاجة ولان فيه الجمع بين المصالح الحق قد انتقل حقه إلى ذمة أوفى والضامن ارتفق بتأخير الحق عليه وكذا المضمون عنه وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني انه لا يصح الضمان لان الملتزم مخالف لما على الأصيل فعلى الأول يثبت الاجل ولا يطالب الضامن الا بعد حلول الأجل ولا يقول التحق الاجل بالدين الحال وانما ثبت عليه مؤجلا ابتداء ولا استبعاد عند الشافعية في الحلول في حق الأصيل دون الكفيل كما لو مات الأصيل وعليه الدين المؤجل هذا قول بعضهم وادعى الجويني اجماع الشافعية على أن الاجل لا يثبت وهل يفسد الضمان بفساد هذا الشرط عندهم وجهان أظهرهما الفساد وقد بينا ان الحق عندنا صحة الضمان والأجل لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقوله تعالى أوفوا بالعقود والضامن عقد مؤجلا فلا يثبت عليه الا كذلك تذنيب لو كان الدين مؤجلا إلى شهر فضمنه مؤجلا إلى شهرين فهو كما لو ضمن الحال مؤجلا وعلى قولنا بصحة الضمان والشرط ليس لصاحب المال مطالبة الضامن قبل الاجل ولا مطالبة المضمون عنه لان الدين عندنا قد سقط عن ذمته وتحول إلى ذمة الضامن على ما يأتي وأما الشافعي فإنه جوز على تقدير صحة الضمان المؤجل مطالبته المضمون عنه معجلا بناء على أصله من أن الضمان غير ناقل بل هو مقتض لتشريك الذمتين بالدين وليس له مطالبة الضامن معجلا مسألة لو كان الدين مؤجلا فضمنه الضامن حالا والتزم التبرع بالتعجيل صح الضمان عندنا كما يصح ضمان الحال مؤجلا وكان عليه أداء المال في الحال كأصل الضمان وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لهم أنه لا يصح الضمان لان الضامن فرع المضمون عنه فلا يستحق مطالبته دون أصيله والثالث لهم أنه يصح الضمان ويكون مؤجلا كأصله ولا يلزم الضامن تبرعه بالتعجيل كما لو التزم الأصيل التعجيل لم يلزمه فكذا الضامن ولان الضامن فرع الأصيل فينبغي أن يكون ما لزمه مضاهيا لما على الأصيل فعلى هذا القول هل يثبت الاجل في حقه مقصودا أم تبعا لقضاء حق المشابهة للشافعية وجهان وتظهر فأيدتهما فيما لو مات الأصيل والحال هذه وعكس بعض الشافعية الترتيب فقال في صحة شرط التعجيل وجهان فان فسد ففي افساده الضمان وجهان تذنيب لو ضمن المؤجل إلى شهرين مؤجلا إلى شهر فهو كما لو ضمن المؤجل حالا وعلى قولنا يصح ويكون لصاحب المال مطالبة الضامن بالمال بعد شهر وليس له مطالبة المضمون عنه لشئ تذنيب على قولنا أنه يصح ضمان المؤجل حالا إذا أدي الضامن المال إلى صاحبه لم يكن له مطالبة المضمون عنه الا عند الاجل ان اذن له في مطلق الضمان ولو اذن له في الضمان عنه معجلا ففي حلوله عليه اشكال أقربه عدم الحلول أيضا مسألة لو ضمن رجل عن غيره ألفا وشرط المضمون له ان يدفع إليه الضامن أو المضمون عنه كل شهر درهما لا يحسبه من مال الضمان بطل الشرط اجماعا وهل يبطل الضمان الأقوى عندي بطلانه بناء على أن كل شرط فاسد تضمنه عقد فان العقد يبطل ببطلانه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يبطل الضمان ببطلان هذا الشرط مسألة لو ضمن دينا أو كفل بدن انسان ثم ادعى انه كفل وضمن ولاحق على المضمون عنه أو المكفول به فالقول قول المضمون له والمكفول له لأن الضمان والكفالة انما يصحان بعد ثبوت الحق على المضمون والمكفول وهل يحلف المضمون له والمكفول له الأقرب عندي اليمين لأنه منكر لدعوى لو صدق فيها لبطلت دعواه وللشافعي وجهان فان قلنا باليمين فنكل حلف الضامن والكفيل وسقطت المطالبة عنهما ولو أقر الضامن بأنه قد ضمن على شرط أو كفل عليه فأنكر صاحب الحق الشرط فالقول قول صاحب الحق مع اليمين لصحة الضمان في نفس الامر وأصالة عدم الشرط وقالت الشافعية ان هذا مبنى على أن الاقرار هل يتبعض أم لا فان قيل بالتبعيض فالقول قول المضمون له وان قلنا لا يتبعض فالقول قول الضامن ولو ادعى الكفيل ان المكفول برئ من الحق وارتفعت الكفالة وأنكر المكفول له فالقول قول المكفول له مع يمينه فان نكل وحلف الكفيل برئ من الكفالة ولم يبرء المكفول بيمين الكفيل النظر الثاني الضامن مسألة يشترط في الضامن ان يكون صحيح العبادة أهلا للتبرع فلا يصح ضمان الصبي والمجنون لقوله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى ينتبه ولأنهما غير مكلفين فلم يكن لكلامهم حكم وكذا لا يصح ضمان الساهي والغافل والهاذل كل ذلك لسقوط التكليف في حق أكثرهم وعدم الوثوق بعبارتهم والمعنى عليه المبرسم الذي يهذي ويخلط في كلامه والنايم لأنه لا عبرة بصيغتهم الصادرة عنهم كغيره من العقود ولو ضمن السكران لم يصح عندنا لعدم الوثوق بعبارته وللشافعي قولان كما في سائر تصرفاته والأخرس الذي ليس له إشارة (مفهمة) مفهومة ولا كتابة ولا يعلم أنه ضمن حتى يصحح أو يبطل وإن كانت له إشارة مفهومة وعلم ضمانه بها صح كما في بيعه وسائر تصرفاته وبه قال أكثر العامة وبعض الشافعية لا يصح ضمانه لأنه لا ضرورة إلى الضمان بخلاف سائر التصرفات وهو خطأ فان الضرورة لا تصحح الدلالة الباطلة في نفسها ولو ضمن بالكتابة فان حصل معها إشارة مفهومة انه قصد الضمان صح وان انفردت إشارته المفهومة
(٨٦)