لو قال خذ هذا المال مضاربة ولم يسم للعامل شيئا من الربح فسد القراض وكان الربح باسره لرب المال وعليه أجرة المثل للعامل والوضيعة على المالك وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان المضارب انما يستحق بالشرط ولم يوجد وقال الحسن وابن سيرين والأوزاعي الربح بينهما نصفين لأنه لو قال والربح بيننا كان بينهما نصفين وكذا إذا لم يرد شيئا وهو ممنوع لان قوله مضاربة يقتضي ان له جزءا من الربح مجهولا فلا يصح ولو قال علي ان ثلث الربح لك وما بقي فثلثه لي وثلثاه لك صح وحاصله اشتراط سبعة اتساع الربح للعامل لان الحاصل من عدد لثلثه ثلث وأقله تسعة هذا إذا علما عند العقد ان المشروط للعامل بهذه اللفظة كم هو فان جهلاه أو أحدهما فوجهان للشافعية أحدهما الصحة وهو حسن لسهولة معرفة ما تضمنه اللفظ وكذا لو قال على أن لك من الربح سدس ربع عشر الثمن وهما لا يعرفان قدره عند العقد أو أحدهما ولو قال لك الربع وربع الباقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن سواء عرفا الحساب أو جهلاه لأنها اجزاء معلومة ولو قال لك ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف الشرط الرابع ان يكون العلم به من حيث الجزئية المشاعة كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء الشايعة لا بالتقدير فلو قال قارضتك على أن لك من الربح مائة والباقي بيننا بالسوية فسد القراض لأنه ربما لا يربح الا ذلك القدر فيلزم ان يختص به أحدهما وكذا لو قال لك نصف الربح سوى درهم أو لك نصف الربح ودرهم (وكذا إذا قال على أن لي من الربح مائة والباقي بيننا لم يصح القراض) مسألة لو دفع إليه الفين قال قارضتك على هاتين الألفين على أن يكون لك ربح الف منهما ولي ربح الألف الأخرى فاما ان تكونا متميزتين أو ممتزجتين فان كانتا متميزتين وشرط تميزهما لم يصح القراض لأنه لا شركة بينهما في الربح إذ كل واحدة من الألفين متميزة عن الأخرى وربح إحديهما بعينها للمالك لا يشاركه العامل فيه وربح الأخرى بعينها للعامل لا يشاركه المالك فيه مع أن كل واحدة منهما مال قراض فلا يوجد فيه مقتضى القراض فيبطل ولأنه ربما يختص الربح باحديهما دون الأخرى فيحصل كل الربح لاحديهما ويمنع الآخر منه وذلك مناف لمقتضى القراض وان كانتا ممتزجتين غير متميزتين فالأقرب الصحة ويحمل على الإشاعة والتسوية في الربح إذ لا فرق بين ذلك وبين قوله الربح بيننا نصفين ولا بينه وبين أن يقول نصف ربح الألفين لك ونصفه لي وهو قول بعض الشافعية وقال ابن شريح لا يصح لأنه خصصه بربح بعض المال فأشبه ما إذا كان الألفان متميزين وما إذا دفع إليه ألفا على أن يكون له ربحها ليتصرف له في الف أخرى والفرق ظاهر ولو قال علي ان لي ربح أحد الثوبين ولك ربح الآخر أو على أن لي ربح إحدى السفرتين ولك ربح الأخرى أو على أن لك ربح تجارة شهر كذا ولي ربح تجارة شهر كذا لم يصح إذا عرفت هذا فإذا دفع إليه مالا قراضا وشرط ان يكون له نصف ربحه جاز وكذا لو شرط له ربح نصفه ولو قال علي ان لك من الربح عشرة ولي عشرة احتمل البطلان لعدم العلم بحصولهما والصحة ان قصد التناسب في مطلق الربح قل عن ذلك أو كثر أو ساواه مسألة لو دفع إليه مالا قراضا وشرط عليه ان يوليه سلعة كذا إذا اشتريها برأس المال احتمل الصحة عملا بقوله (ع) المسلمون عند شروطهم والبطلان وبه قال الشافعي لأنه ربما لا يحصل الربح الا منها ولو شرط ان يلبس الثوب الذي يشتريه ويركب الدابة التي يشتريها قال الشافعي يبطل القراض أيضا لان القراض جوز على العمل المجهول بالعوض المجهول للراحة ولا حاجة إلى ضم ما ليس من الربح إليه ولأنه ربما ينتقص بالاستعمال ويتعذر عليه التصرف والأقوى عندي الجواز تذنيب (مسألة) لو دفع إليه ألفا قراضا على أن الربح بينهما وشرط المالك ان يدفع إليه ألفا يعمل بها بضاعة بحيث يكون الربح بأسره للمالك فيها فالوجه صحة القراض والشرط معا وقيل يصح القراض ويبطل الشرط وقيل يبطلان معا مسألة لو دفع إلى عامل ألف درهم فقال له اعمل على هذه وربحها لي ودفع إليه ألفا أخرى وقال اعمل على هذه ويكون ربحها لك فان قصد القراض بطل لأنه شرط ان يكون جميع الربح في إحديهما للمالك وفي الأخرى للعامل وهو باطل لأنه لا يجوز ان ينفرد أحدهما بالربح لان الربح يحصل بالمال والعمل معا فلا يصح في واحدة من الألفين وان لم يقصد القراض صح فكان ما شرطه المالك له بضاعة وما شرطه العامل لنفسه قرضا ولو دفع الألفين وقال قارضتك على هذه على أن يكون ربح الف منها لي وألف لك فالأقوى الصحة وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور لأنه بمنزلة أن يقول له نصف الربح لي ونصفه لك لأنه بمعناه قال ابن شريح وهذا غلط لان وضع القراض على أن يكون كل جزء من المال ربحه بينهما فإذا شرط ربح الف فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزء منه فكان فاسدا بخلاف ما إذا شرط نصف الربح لان شرطه لم يتضمن الانفراد بجزء منه الفصل الثالث في احكام القراض وفيه مباحث الأول في اعتبار الغبطة في التصرف مسألة القراض إما صحيح واما فاسد فالصحيح له احكام نذكر في مسائل وكذا الفاسد فمن احكام الصحيح انه يلزم الحصة المشترطة للعامل ولا نعرف فيه مخالفا الا من شذ قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للعامل ان يشترط على رب المال ثلثا الربح أو نصفه وما يجمعان عليه بعد ان يكون ذلك معلوما جزءا من اجزاء والاخبار من أهل البيت عليهم السلام متظافرة بذلك وقال شاذ من الفقهاء ان العامل لا يستحق الحصة بل أجرة المثل عن عمله لأن هذه المعاملة مجهولة وفيها غرر عظيم وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر والجهالة لا يمنع الجواز لان العلم ببعض الاعتبارات كاف فإذا شرط جزء معلوما انتفت الجهالة الكلية والعام مخصوص بالنقل المتواتر عن أهل البيت عليهم السلام وقد خص من عموم النهي عن الغرر كثير من الاحكام كالمساقاة والمزارعة وغيرهما فليكن المتنازع منها مسألة لما كان الغرض الأقصى من القراض تحصيل الربح والفايدة وجب ان يكون تصرف العامل مقصورا على ما يحصل هذه الغاية الذاتية وان يمنع من التصرف في المؤدى إلى ما يضادها فيتقيد تصرفه بما فيه من الغبطة والفايدة كتصرف الوكيل للموكل لأنها في الحقيقة نوع وكالة وإن كان له ان يتصرف في نوع مما ليس للوكيل التصرف به تحصيلا للفايدة فان له ان يبيع بالعرض كما أن له ان يبيع بالنقد بخلاف الوكيل فان تصرفه في البيع انما هو بالنقد خاصة لان المقصود من القراض الاسترباح والبيع بالعرض قد يكون وصلة إليه وطريقا فيه وأيضا له ان يشتري المعيب إذا رأى فيه ربحا بخلاف الوكيل ينفذ تصرفه مع الغبن الفاحش فليس له ان يبيع بدون ثمن المثل ولا ان يشتري بأكثر من ثمن المثل لأنه مناف للاسترباح وبه قال الشافعي وأبو حنيفة انه يملك العامل البيع بالغبن الفاحش وكذا الشراء كالوكيل والأصل ممنوع إما ما يتغابن الناس بمثله فإنه غير ممنوع لعدم التمكن من الاحتراز عنه ولو اشترى بأكثر من ثمن المثل ما لا يتغابن الناس بمثله فإن كان بالغبن بطل والا وقع الشراء له ان لم يذكر النسبة إلى القراض مسألة إذا دفع إلى العامل مال القراض فان نص على التصرف بان قال نقدا أو نسية أو قال بنقد البلد أو غيره من النقود جاز ولم يكن للعامل مخالفته اجماعا لان ذلك لا يمنع مقصود المضاربة وقد يطلب بكل ذلك الفايدة في العادة فان اطلق وقال أتجر به اقتضى ذلك ان يبيعه نقدا بنقد البلد بثمن مثله فان خالف ضمن كالوكيل إذا عرفت هذا فلو اشترى بأكثر من ثمن المثل أو باع بدونه بطل ان لم يجز المالك لأنه تصرف غير مأذون فيه فأشبه بيع الأجنبي وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين فان تعذر رد المبيع كان العامل ضامنا للمثل إن كان مثليا وان لم يكن أو تعذر المثل وجبت القيمة وللمالك الخيار في الرجوع على من شاء منهما فان اخذ من المشتري القيمة رجع المشتري على العامل بالثمن الذي دفعه إليه وان رجع على العامل رجع العامل على المشتري بالقيمة ورد ما اخذه منه ثمنا لان التلف حصل في يد المشتري فاستقر الضمان عليه وعن أحمد رواية أخرى ان البيع صحيح ويضمن العامل
(٢٣٦)