ولا شبهة أن كلمات الفقهاء مضطربة في هذا المقام، ولم يعنون هذه المسألة على ما ينبغي في كلماتهم، وقد عرفت أنه يظهر منهم كون هذا الخيار من ناحية الاشتراط، ولكن الظاهر من الرواية هو الوجه الثاني، وأنه خيار آخر في مقابل بقية الخيارات.
والرواية هي صحيحة جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل اشترى ضيعة وقد كان يدخلها ويخرج منها، فلما أن نقد المال صار إلى الضيعة فقلبها، ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أنه لو قلب منها ونظر إلى تسعة وتسعين قطعة ثم بقي منها قطعة ولم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية (1).
فإن اطلاقها يشمل صورة عدم الاشتراط أيضا، بأن اعتقد كون جميع الضيعة على النحو الذي رآها جملة منها، وعلى الوجه الذي اعتقد بها، ولو من توصيف البايع فاشتراها بغير اشتراط ثم دخلها فقلبها فوجدها على غير الذي اعتقد بها، فقال الإمام (عليه السلام) في ذلك أن له خيار الرؤية، ومع الحمل على التوصيف لا يكون بيع مجهول.
فهذه الرواية تدل باطلاقها على ثبوت خيار الرؤية للمشتري، بل يمكن دعوى اختصاصها بصورة عدم الاشتراط الذي هو مورد خيار الرؤية، وتوضيح ذلك:
إن الرؤية ليست لها موضوعية في صحة البيع بالضرورة ولا في لزومه، بحيث أن يحكم ببطلان البيع مع عدم الرؤية أو بثبوت الخيار فيه، بأن باع شيئا بالتوصيف ثم رآه المشتري فيثبت له خيار الرؤية بمجرد ذلك، بل إنما يثبت خيار الرؤية مع الاعتقاد بكون المبيع واجدا لوصف كذا، إما