فلماذا لا يكون الجواز هنا جواز حكميا نظير الجواز في الهبة، وأما ثبوت الحق له بحيث يكون له حق الاسقاط أو انتقاله إلى الورثة بعد الموت ونحو ذلك فلا يستفاد من الرواية.
والحاصل أن دليل نفي الضرر ناظر إلى رفع اللزوم الذي نشأ منه الضرر، وأما اثبات حق يترتب عليه حكمه فلا يتكفله دليل نفي الضرر كما هو واضح، ويكون الثابت خصوص الجواز الحكمي فقط، نظير الجواز في الهبة، فلا يكون للمغبون حق الاسقاط وحق المصالحة عليه ولا ينتقل إلى الوارث.
وفيه أولا: قد عرفت مرارا أنه لا فرق بين الجواز الحكمي والجواز الحقي، بل هما من جنس واحد وحقيقة واحدة، وقد جعلها الشارع لأحد المتعاقدين أو كليهما في موارد خاصة، غاية الأمر قد أعطى السلطنة في بعض الأحيان لأحدهما بحيث ترتب عليه جميع آثار الحق الآدمي من الانتقال والنقل بأي نحو كان، ولم يرتب عليه ذلك في بعض الموارد كما في الهبة، حيث إنه ليس للواهب غير حق الرجوع إلى المتهب.
وعليه فإن دليل نفي الضرر إنما رفع اللزوم الذي يلزم الضرر من قبله، فيكون المرفوع من اللزوم مقدارا يرتفع به الضرر، وحينئذ فيكون الخيار فوريا عرفيا، بحيث لو لم يعمل خياره من الفسخ والامضاء لسقط خياره، فيعلم من ذلك أنه من الحقوق فيسقط باسقاط ذي الخيار أيضا.
ودعوى ثبوت الجواز الذي يكون ثابتا إلى الأبد نظير الجواز في الهبة يحتاج إلى العناية الزائدة، فلا دلالة في دليل نفي الضرر عليه، وإذا ثبت كون الجواز الثابت هنا مما يكون اختياره بيد المغبون فله أن يصالح عليه بالمال.