للضمان، فإنه حينئذ تكون سلطنته باقية في المالية، فإن ذمة المتلف تكون مشغولة بذلك، وأما إذا لم يكن مستند إلى شخص فتكون سلطنة المالك منقطعة عن العين وعن ماليته بالمرة كما كان تنقطع بالفسخ، فإذا تلف المبيع عند المشتري في غير زمان الخيار فتكون سلطنته منقطعة عنه.
ولكن مع ذلك هنا فرق بين التلف وبين الفسخ، وإن كانا مشتركين في أصل انقطاع سلطنة المالك عن العين، فإنه في صورة التلف فالمعاقدة باقية على حالها، بحيث إن المتبايعين وكذلك العرف والعقلاء يعتبرون ملكية العين التالفة للمشتري في هذا الزمان أيضا قبل التلف، فيعتبرون أن المشتري كان مالكا قبل التلف بخلافه في الفسخ، فإنه بالفسخ تنفسخ المعاملة من الأول، ولذا لو ادعى البايع ملكية المبيع وضمان المشتري عليه بالمثل بحيث أن يرد ثمنه ويأخذ مثل ماله، فيقول المشتري كان التلف في ملكي وأنا كنت مالكا بالعين قبل التلف بالمعاقدة التي تبقى.
والمقام شبيه بالحجة، حيث إن الفاعل إذا أتى بعمل مستندا إلى حجة شرعية، ففي أي وقت سئل عن وجه اتيانه فيقول كانت الحجة عندي، فلو قيل: أعد، فيقول: الحجة تقتضي عدم الإعادة، وكذلك بعد الوقت، ففي كل وقت يدعى بقاء الحجة واستناد عمله إليه.
وكذلك في المقام، فإن المشتري في كل وقت يدعي كون التلف في ملكه وعدم الضمان لبدل المبيع لبقاء المعاقدة معه، فيقول: أنا لست ضامنا بمثله أو قيمته، فإني عاملت عليه ويدعي في كل وقت بقاء المعاقدة واستناد عدم الضمان على مثله أو قيمته إلى المعاقدة، ومن هنا تجوز الإقالة بعد التلف، فحينئذ يرجع البايع إلى مثل العين أو قيمته، ويرد الثمن إلى المشتري إن كانت عينه باقية وإلا فمثله أو قيمته.