وفيه قد ظهر جوابه مما مر، وتوضيح الاندفاع: أن الخيار وإن أخذ في التعريف ولكن المأخوذ فيه ليس نفس المعرف بل هو غيره، أعني الخيار الثاني، لما عرفت من كون الخيار المصطلح مركبا من خيارين، فقول القائل: الخيار ملك اقرار العقد، أي الخيار المتعلق باعدام السلطنة على الفسخ هو اقرار العقد اسقاط، فالمراد من الخيار الساقط هو المتعلق بالفسخ، فالمعرف غير المعرف فلا يلزم الدور، وبقوله: وإزالته، أشار إلى الخيار الثاني.
ثم أورد المصنف نقضا على التعريف المذكور، بأنه ينتقض بالخيار المشترك، فإن لكل منهما إلزامه من طرفه لا مطلقا، فلا يكون العقد لازما باسقاط أحد الشركاء خيارهم.
وفيه أنه أيضا ظهر جوابه مما تقدم، فإن المراد من الاقرار هو اقرار العقد من قبله لا من قبل غيره، ولا يقاس ذلك بالفسخ، فإن فيه خصوصية لا يعقل بها أن يفسخ أحد المتعاملين دون الآخر، فإنه بالفسخ ينتقل مال كل شخص إلى ملكه، ولا معنى لأن يفسخ العقد من طرف واحد فقط دون الآخر، ولكن الاقرار والاثبات ليس كذلك، فإنه قابل لأن يكون العقد لازما من طرف وجائزا من طرف آخر، وإذا كان ممكنا ثبوتا فلا نحتاج في مقام الاثبات إلى شئ آخر غير ما يصدر من الشركاء في الخيار، حيث إن أحدهم يسقط خياره والآخر لا يسقطه.
وما نحن فيه نظير رفع الحجر الثقيل بعشرة رجال، حيث إن ترك الرفع يستند إلى ترك واحد منهم، ولكن رفعه مستند إلى جميعهم، ففي المقام أيضا رفع العقد يحصل بفسخ واحد ولكن الاقرار التام يحصل بالمجموع، ومع ذلك فكل واحد يجعله من قبله لازما، وإن شئت فمثل بترك كل واحد من عشرة رجال قتل شخص، فإنه يصدق حينئذ أن كل واحد منهم ترك قتله من قبله، وقد مثل الأستاذ بهذا المثال دون الأول.