وخرج بكون ذي الخيار مختارا في اقرار العقد وتثبيته العقود الجائزة بحسب الطبع، وتوضيح ذلك:
إن ذا الخيار في موارد الخيارات المصطلحة كما له اختيار فسخ العقد وابقائه على حاله، وكذلك له إزالة مالكيته على اختيار الفسخ والابقاء وعلى الانتقاء والاصطفاء، بأن يقر العقد باسقاط الخيار وبجعله لازما وغير قابل الفسخ.
ففي الحقيقة له خياران: أحدهما يتعلق بالفسخ والابقاء، والآخر يتعلق بالسلطنة على الفسخ والابقاء، بخلاف العقود الجائزة فإن فيها خيار واحد لكل من له الخيار، وليس له خيار آخر يتعلق بأصل السلطنة على اختيار الفسخ أو الابقاء، ولو أسقطه ألف مرة لم يسقط كما تقدم، فإنه من الأحكام فهي غير قابلة للاسقاط.
ومن هنا ظهر أن ما ذهب إليه بعضهم من أن الخيار المصطلحة ملك اقرار العقد وإزالته هو الصحيح، فإن المراد من اقرار العقد هو اسقاط الخيار وجعل العقد لازما وغير قابل للانفساخ من ناحية الخيار، وهو ما ذكرناه من تعلق الخيار بإزالة السلطنة على الفسخ والابقاء، والمراد من إزالته هو إزالة العقد بالفسخ واعدامه.
نعم التعبير بملك فسخ العقد مسامحة، فإن الخيار كما عرفت ليس ملك فسخ العقد وإنما الملكية مستفادة من اللام وكلمة الصاحب والذو، أو من الهيئة كما عرفت، فإن هيئة كلمة المختار تدل على ذلك، لما عرفت أن المشتق إنما هو باعتبار الشأنية والاقتضاء، وأن ذي الخيار بما أن له مقتضى للفسخ وقادر عليه بأن يأخذه خيرا لنفسه وله شأنية الاختيار والانتقاء، فينتزع من ذلك عنوان المالكية كما لا يخفى.