ومن هنا ظهر أن استعمال المتكلمين الخيار في مقابل الاضطرار ليس اصطلاحا آخر، كما ذهب إليه شيخنا المحقق، بل باعتبار المعنى اللغوي كما عرفت.
ثم إن المشتقات قد استعمل في الاتصالات الفعلي كما هو الغالب، وقد تستعمل في الشأنية والاقتضاء، وهذا أيضا كثير في نفسه، كما يتضح ذلك لمن سبر واستقرأ موارد استعمالها، ومنه يقال: سم قاتل، وسيف سبار، وأدوية مسهلة، وأشربة مبردة، وأغذية مسخنة أو قابضة، فإن اتصاف الذات بالمبدء في أشباه هذه الموارد ليس فعليا وإنما هو بحسب الشأنية والاقتضاء.
ومن هنا يمكن توجيه كلمات القائلين بأن الخيار بمعنى القدرة على الفسخ بدعوى أن المختار - بصيغة الفاعل - له فسخ العقد مع ثبوت الخيار له، وله ابقاؤه على حاله، وله اسقاط أصل سلطنته أيضا، فتكون القدرة والسلطنة على الفسخ والابقاء مستفادة من هيئة المختار.
إذا كان اتصاف الذات فيه بالمبدء بحسب الشأن والاقتضاء فإن في موارد ثبوت الخيار فصاحب الخيار مختار في أمر العقد من حيث الفسخ والابقاء شأنا، بأن يأخذ الفسخ خيرا لنفسه أو الابقاء، فإن له الانتقاء والاصطفاء في ذلك، والهيئة المستفادة من الهيئة عبارة أخرى عن القدرة.
بل الأمر كذلك في جميع الموارد التي يتمكن الانسان من ايجاد فعل بحسب طول الزمان، فإنه يقال: إنه مختار في ذلك، أي له القدرة على أن يأخذ هذا الفعل خيرا لنفسه أو يتركه ويأخذ تركه خيرا لنفسه، فلا يكون تعريف الخيار بأنه القدرة على فسخ العقد وابقائه منافيا لما ذكرناه.