وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإن المانع هنا عقلي، بداهة أن المولى إنما هو مالك للعبد بالإضافة الاعتبارية كملكه لبقية أمواله ملكية اعتبارية، وإذا ارتفع هذا الاعتبار فيكون العبد مالكا لنفسه وكذا لجميع أفعاله وأعماله ملكية ذاتية، بحيث لا يكون لأحد التسلط عليه، وهذا عين الحرية وليس شيئا آخر وراءه.
ومع هذا لا معنى لاعتبار ملكيته على نفسه لكونه لغوا محضا، كما أن اعتبار الملكية لكل أحد على نفسه أو على أعماله وذممه لغو، لوجود إضافة الملكية في جميع ذلك ملكية ذاتية والسلطنة الحقيقية من غير أن تقارنها سلطنة اعتبارية أصلا، وهذه السلطنة هي التي أشار إليها عز من قائل: قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي (1).
عليه فلا معنى في هذه الصورة شراء العبد نفسه بل هو صورة بيع وإنما حقيقته العتق، فيكون ذلك نظير العبد المكاتب، فإنه ليس إلا عتقا، واطلاق البيع إنما هو بالمشابهة والمشاكلة كما لا يخفى، بل نظير ذلك موجود في هذا الزمان أيضا، فإنه إذا كان شخص محكوما بالاعدام في المحكمة الاختصاصية وأعطي مالا ونجي عن القتل، فإنه يقال: إنه اشترى نفسه ممن كان حاكما على قتله، وكذلك المقام.
وعليه فلا معنى لحصول البيع من الأول أبدا حتى آنا ما، فإنه لا يقاس بالمانع الشرعي، فإنه قلنا هناك بحصول الملكية آنا ما بمقتضى الجمع بين الأدلة الشرعية، وهذا بخلاف المقام، فإن المانع عقلي فهو مانع من الأول، وإلا فلو كانت الملكية حاصلة آنا ما لم يكن وجه للسقوط، بل كان باقيا إلى الأبد لعدم الدليل عليه.