تصادقهما على مصداق واحد باعتبارين.
والعجب ما اتفق لصاحبي «المجمعين» حيث قالا: «الفرق بين العقد والعهد أن العقد فيه معنى الاستيثاق والشد، ولا يكون إلا بين المتعاقدين، والعهد قد ينفرد به الواحد، فكل عهد عقد، ولا يكون كل عقد عهدا» (1). انتهى.
وأنت خبير: بأن لازم ما ذكر أعمية العهد من العقد، لا العكس، ولعل الاشتباه من النساخ وإن كان بعيدا.
ووقع نظير هذا الاشتباه لبعض أهل التحقيق، فجعل كل عهد عقدا، ولا عكس، مع ذهابه إلى أن العهد هو مطلق الجعل والقرار، كمجعولاته تعالى في المناصب، كالإمامة والخلافة، وكتكاليفه تعالى، وجعل العقد ربط شئ بشئ (2)، فراجع كلامه.
مع أن ما جعله من العهد - كالمناصب والتكاليف; تشبثا بقوله تعالى:
(لا ينال عهدي الظالمين) (3) وقوله تعالى: (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي...) (4) إلى آخره، ولهذا زعم أن العهد مطلق الجعل والقرار - هو معنى آخر من العهد ظاهرا; أي الوصية، فقوله: (لا ينال عهدي) أي وصيتي بالولاية والإمامة، وكذا قوله: (وعهدنا إلى إبراهيم) أي أوصينا إليه.
وأما العهد المستعمل في المعاهدات والمعاقدات - والعهود لله تعالى - نحو:
«عاهدت الله على كذا»، فليس نحو قوله: (وعهدنا إلى إبراهيم) بل هو معنى آخر منه.