الأشباه والنظائر (1) - مبني على دعوى كونها بتمام حقيقتها حراما ممنوعا، ومصحح الدعوى كون الصيد ممنوعا بجميع تقلباته; اصطيادا، وحيازة، وتملكا، وبيعا، وشراء، وإعارة، واستعارة، واستئمانا، وإمساكا، وغيرها.
وقد قلنا: إن الحرمة تكليفا ووضعا ليست بمعنيين مختلفين (2)، حتى يقال كما قيل: لا جامع بينهما (3)، بل هي بمعنى المنع، وهو في جميع الموارد معنى واحد، لكن المنع عن الأمور النفسية كشرب الخمر، والاصطياد، ظاهر في ممنوعية نفسها في الشريعة، وهي مساوقة للحرمة التكليفية، وإذا نسب إلى الأمور الآلية وما هو وسيلة إلى حصول أثر كالبيع، والصلح، والأجزاء والشروط في المركبات، يكون ظاهرا في الوضع.
وهذا بعينه كالنهي المتعلق تارة بمثل الشرب والأكل ونحوهما من النفسيات، وأخرى بمثل البيع وشئ في المركبات، ففي قوله: «لا تشرب الخمر» و «لا تصل في وبر ما لا يؤكل» لم يستعمل النهي في معنيين، بل استعمل في الزجر عن متعلقه، لكن الزجر عن النفسيات ظاهر في المنع النفسي والحرمة التكليفية، وعن غيرها كالبيع ونحوه ظاهر في الوضع.
فقوله تعالى: (حرم عليكم صيد البر) يفهم منه حرمة اصطياده، وإمساكه، والانتفاع به، كشرب لبنه، وأكل بيضه ونحوهما، وبطلان بيعه، وشرائه، وعاريته، ووديعته، وإجارته ونحوها.
ويمكن الاستدلال على بطلان العارية بما دل على عدم جواز الانتفاع به (4)