وفيه منع الصغرى; فإن الإنشاء المعلق جزمي على فرض التعليق، كالإخبار المعلق، فإذا قال: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (1) لا شبهة في إخباره جزما بالفساد على فرض تعدد الآلهة، بلا شائبة ترديد واحتمال خلاف، وكذلك إذا قال: «إن جاءك زيد بعتك هذا بهذا» فإن البيع على الفرض جزمي.
نعم، حصول المعلق عليه ربما يكون مشكوكا فيه، وهو لا يوجب عدم الجزم على فرضه، بل لو علقه على أمر محال لا يضر بالجزم كما لا يخفى.
بل يمكن منع الكبرى; لعدم دليل على لزوم الجزم في المعاملات ولا العبادات، فإن لم يعلم أن الفلان عبده، أو الفلانة زوجته، فقال «أنت حر لوجه الله» و «أنت طالق» برجاء إصابة الواقع فأصاب، صدق: «أنه أعتق عبده، وطلق زوجته»، وإذا قال: «بعتك هذا المال» برجاء أنه ماله، وكان في الواقع ماله، صدق: «أنه باع ماله».
فلا يعتبر الجزم في الصدق العرفي، ولا دليل على اعتباره، وإطلاق الأدلة وعمومها يدفع احتماله، ودعوى الانصراف (2) قد مر ما فيها (3).
وأما تحصيل الإجماع، أو الشهرة المعتبرة في هذه المسألة، التي للعقل فيها قدم راسخ، فغير ممكن، ولهذا ترى تشبثهم بالدليل العقلي أو العرفي (4)، مع ما يقال: من أن المسألة لم تكن معنونة، وإنما استندوا إلى باب الوكالة، والوقف