فإن إيجاد المعنى المقصود باللفظ إما لا يحصل رأسا، أو يحصل مطلقا، فوقوع الإيجاد معلقا مرجعه إلى التناقض، فكلام القوم ومحط النزاع، التعليق في المنشأ لا الإنشاء (1).
ونحن قد فرغنا عن الجواب عنها في الواجب المشروط، وقلنا بإمكان التعليق في المعاني الحرفية، وكذا إمكان تعليق الجزئيات وتقييدها (2).
وأما الوجه الثالث الذي تشبث به بعض أعاظم العصر (رحمه الله)، وزعم أن النزاع في تعليق المنشأ لا الإنشاء (3).
ففيه: أن قياس الإيجاد الاعتباري بالتكويني مع الفارق، ولا يلزم من امتناع التعليق في التكوين امتناعه في التشريع وعا لم الاعتبار، فإذا قال: «إن جاءك زيد فاضربه» يكون القيد قيد الهيئة لا المادة، والبعث الاعتباري معلق على مجيئه، فما لم يجيء لا بعث بالضرورة، وفي ظرف تحقق المجيء يتحقق البعث الاعتباري.
وبالجملة: قبل حصول المعلق عليه لا إيجاب ولا وجوب، وإنما يتحققان بعد تحققه، والإنشاء غير التلفظ بالألفاظ الموقعة له، والتلفظ من التكوين، ولا يعقل تعليقه، بخلاف الإنشاء والإيقاع الذي هو أمر اعتباري، نظير الإيجاب والتلفظ بلفظ دال عليه. ولعل القائل - رحمه الله تعالى - خلط بينهما، فوقع فيما وقع.
وقوله: «يلزم منه التناقض» (4) غير وجيه; لأنه إنما يلزم لو كان الإيجاد