وأما فقد الأهلية من غير تلك الناحية، فلا يضر بصدق: «العقد» ولهذا كان صحة بيع المكره على القواعد، إذا انضم إليه رضاه (1).
أقول: ليست ماهية البيع إلا تمليك عين بالعوض، أو مبادلة مال بمال، حسب ما فصل في محله (2)، ويقال للبيع ونحوه: «العقد» باعتبار العقدة الحاصلة ادعاء من تبادل الإضافتين على ما مر (3)، وهذه العقدة والمبادلة أنشئت بفعل الموجب وإيجابه، من غير دخالة مخاطبة ومعاهدة فيه.
فإذا قال البائع: «بعت ما لي بمال زيد» فقد أنشأ المبادلة وأوقع المعاوضة، مع عدم تخاطب وتعاهد في البين، فإذا انضم إليه قبول الطرف، صار موضوعا لاعتبار العقلاء والشرع للنقل العقلائي، فلو فرض أن المشتري مجنون، أو مغمى عليه، ولا يمكن مخاطبته، لا يضر ذلك بإيجاب الموجب; أي التبادل بين المالين، أو تمليك العين بالعوض، فإذا أفاق وقبل ما أوجبه، تم نصاب موضوع الاعتبار.
فوزان الإيجاب والقبول وزان العقد الفضولي والإجازة، فكما أن المجيز لا يضر عدم أهليته بصحة البيع ونفوذه مع أهليته حال الإجازة، كذلك حال القبول.
فقوله: إن القصد الجدي لا ينقدح في نفس العاقل إلى المعاهدة مع من هو كالجدار أو كالحمار، أجنبي عن باب البيع ونحوه، وخلط ناش من زعم أن البيع معاهدة بين الطرفين حال إيقاعه، وقد عرفت أنه ليس إلا التمليك بعوض، وهو