ذلك الفعل، فإن كان مجردا عن المدة خاصة فبنفسه، وإلا تخير بينه وبين غيره، فيقع التنافي بينه وبين عمل آخر في صورة المباشرة، وفرع عليه منع صحة الإجارة الثانية في صورة التجرد عن المدة مع المباشرة، كما منع في الأجير الخاص، وما تقدم في الإجارة للحج مؤيد لذلك، فإنهم حكموا بعدم صحة الإجارة الثانية مع اتحاد زمان الايقاع نصا أو حكما كما لو أطلق فيهما أو عين في أحدهما بالسنة الأولى، وأطلق في الأخرى، ولا ريب أن ما ذكره أحوط، وإن كان وجهه غير ظاهر، لعدم دليل يدل على الفورية، وعموم الأمر بالايفاء بالعقود ونحوه لا يدل بمطلقه على الفور عندهم، وعند غيرهم من المحققين، سلمنا لكن الأمر بالشئ إنما يقتضي النهي عن ضده العام، وهو الأمر الكلي لا الأفراد الخاصة، سلمنا لكن النهي في غير العبادات لا يدل على الفساد عندهم، والاسناد إلى ما ذكر من الحج ليس بحجة بمجرده، ويتفرع على ذلك وجوب مبادرة أجير الصلاة إلى القضاء بحسب الامكان وعدم جواز إجارة نفسه ثانيا قبل الاتمام، وأما تخصيص الوجوب بصلوات مخصوصة وأيام معينة فهو من الهذيانات البادرة والتحكمات الفاسدة، انتهى وهو جيد وجيه كما لا يخفى والله سبحانه العالم.
الثانية: لا خلاف ولا اشكال في أنه تملك الأجرة بنفس العقد، لاقتضاء صحة المعاوضة نقل الملك في كل من العوضين من أحدهما إلى الآخر، كما في البيع وسائر عقود المعاوضات اللازمة، والإجارة منها، لكن لا يجب تسليم الأجرة إلا بتسليم العين المستأجرة إن كانت الإجارة على عين، أو تمام العمل إن كانت الإجارة على عمل، ولا يجوز تأخيرها مع الطلب، والحال كذلك، ومما يدل عليه بالنسبة إلى تمام العمل ما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن هشام بن الحكم (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في الجمال والأجير قال: لا يجف عرقه حتى تعطيه أجرته ".
وعن شعيب (2) قال تكارينا لأبي عبد الله (عليه السلام) قوما يعملون في بستان له،