وكيف كان فتفصيل هذا الآجال يقع في مقامين: الأول: في الأجير الخاص وقد عرفت تفسيره، والوجه في عدم جواز عمله - لغير من استأجره إلا بالإذن - أنه متى وقعت الإجارة على أحد الوجهين المذكورين، فإن منفعته المطلوبة قد صارت ملكا للمستأجر، فلا يجوز له صرف عمله الذي استأجر عليه، ولا صرف زمانه المستأجر فيه في عمل ينافي ما استؤجر عليه، وأما لو لم يناف ما استؤجر عليه كالتعليم والتعلم والعقد ونحو ذلك حال الاشتغال بالخياطة المستأجر عليها مثلا:
فالأقرب الجواز، كما اختاره بعض محققي متأخري المتأخرين.
قال في المسالك: وهل يجوز عمله في الوقت المعين عملا لا ينافي حق المستأجر كايقاع عقد ونحوه في حال اشتغاله، أو تردده في الطريق بحيث لا ينافيه وجهان:
من شهادة الحال بالإذن في مثل ذلك، والنهي عن التصرف في ملك الغير بغير إذنه.
أقول: لا يخفى أنه وإن كان لا خلاف ولا اشكال في النهي عن التصرف في ملك الغير إلا بإذنه، إلا أن اجراء ذلك فيما نحن فيه ممنوع، لأن مقتضى الإجارة اشتغال الذمة بأداء العمل المستأجر عليه، والحال أنه لا خلاف ولا اشكال في براءة الذمة بأدائه على هذا الوجه، حيث أن المفروض عدم المنافاة، وإذا ثبت براءة الذمة من العمل المذكور، فلا يضر هذا التصرف بوجه من الوجوه، واللازم مما ذكروه - لو تم - المنع من كلامه مع الغير مطلقا، وكذا نظره لغيره، وبطلانه أو ضح من أن يخفى والظاهر أن له في الصورة المذكورة العمل فيما لم تجر العادة بوجوب العمل فيه للمستأجر كالليل، لكن يشترط أن لا يؤدي إلى ضعف العمل نهارا، وكما أنه لا يجوز له العمل بما ينافي العمل للمستأجر عليه، كذلك لا يجوز للغير استعماله في المنافي.
والذي حضرني من الأخبار في المقام ما رواه في الكافي في الموثق عن إسحاق بن عمار (1) " قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل يستأجر الرجل بأجرة معلومة