على من قبض، إنما هو من حيث ذلك، ولا دلالة فيها على المنع من القسمة، مع وصول كل حق إلى مستحقه، بل ظاهرها أنه مع ذلك فالقسمة صحيحة، فإن قوله (عليه السلام) من جملتها " ما يذهب بماله " ظاهر، في أنه لو لم يذهب شئ من المال، كانت صحيحة، وحينئذ فلو فرضنا وقوع القسمة بغير رضاها، بأن أخذ أحد الشريكين حصة من الغريم، على أنها حصته فقط، فليس للشريك الآخر مزاحمته والأخذ منه لأن حقه في ذمة الغريم، وقد أعطاه حقه، فيكون المال له إلا أن لزوم ذلك وصيرورته بحيث لا يزاحمه الشريك الآخر موقوف على وصول حق الشريك إليه وعدم تلفه، وهذا الوجه أنسب بالنظر إلى الأخبار كما عرفت، والأول أنسب بالنسبة إلى كلام الأصحاب والله العالم.
المسألة الثانية - قال في المختلف: إذا شارك نفسان في سقاء، على أن يكون من أحدهما جمل، ومن الآخر راوية، واستقى فيها على أن ما يرتفع يكون بينهم لم يصح هذه الشركة، لأن من شرطها اختلاط الأموال، وهذا لم يختلط، ولا يمكن أن يكون إجارة، لأن الأجرة فيها غير معلومة، فالحاصل للسقاء، ويرجع الآخران عليه بأجرة المثل في مالهما من جمل وراوية.
قاله ابن إدريس والشيخ أيضا، قال ذلك في المبسوط، قال فيه: وقيل:
يقتسمون بينهم أثلاثا، ويكون لكل واحد منهما ثلثها، ويكون لكل واحد منهم على صاحبه أجرة ماله على كل واحد منهما ثلثها، ويسقط الثلث، لأن ثلث النفع حصل له، قال الشيخ: والوجهان قريبان، ويكون الأول على وجه الصلح، والثاني من الحكم، وما قربه الشيخ قريب انتهى.
أقول: لا ريب في بطلان الشركة المذكورة لأنها مركبة من شركة الأبدان وشركة الأموال مع عدم المزج، وكل منها باطل كما تقدم، ومقتضى القواعد في مثل هذا هو ما ذكر أولا من أن الحاصل للسقاء ويرجع عليه الآخران بأجرة المثل.