التي تعلقت بها الإجارة هي حملها للولد ووضعه في حجرها ووضع الثدي في فمه ونحو ذلك، لا نفس اللبن.
ولا يخفى ما فيه من البعد والتكلف السخيف، فإنه لا يخفى أن الغرض الذاتي والمطلب الأصلي من الاستيجار إنما هو اللبن، وهذه الأشياء إنما هي تابعة، أو مقدمات لذلك، فالأظهر أن يقال: إن هذه المواضع المذكورة مستثناة بالنصوص من قانون الإجارة، وكم مثل ذلك في الأحكام، هذا إن ثبت كون ما ادعوه قانونا كليا وقاعدة مطردة، مع أنا لم نقف له على دليل أزيد من ورود النصوص في أفراد الإجارات بذلك، وهو لا يستلزم الحصر فيما ورد، إلا مع عدم وجود نص بخلافه، فإنه يمكن ادعاء ذلك قاعدة كلية، على نحو القواعد النحوية المبنية على تتبع كلام العرب، وهذه القاعدة إن ثبتت هنا، فهي من هذا القبيل، وإلا فإني لم أقف على خبر يدل على أن القاعدة في الإجارة ما ادعوه، والله سبحانه العالم.
الثانية والعشرون: اختلف الأصحاب في جواز إجارة الدراهم والدنانير، فقال في المختلف والقواعد والمبسوط: بالجواز، قال للانتفاع بها مع بقاء عينها، مثل أن ينثرها ويسترجعها أو يضعها بين يديه فيتجمل بها وغير ذلك، وقال ابن إدريس: يصح لأنه لا مانع منه، ثم قال: والذي يقوى في نفسي بعد هذا جميعه أنه لا يجوز، إجارتها، لأنه في العرف المعهود لا منفعة لها إلا باذهاب أعيانها، ولأنه لا يصح وقفها، فلو صح إجارتها صح وقفها، نعم تصح إجارة المصاغ منهما، وقال في موضع آخر: لا خلاف في أنه لا يجوز وقفها، لأن الوقف لا يصح إلا في الأعيان التي يصح الانتفاع بها مع بقاء عينها، فإذا جاز إجارتها جاز وقفها، وهو لا يجوز، ولأن من غصب مائة دينار وبقيت في يده سنة لم يلزمه الحاكم بأجرة، واعترضه في المختلف بالمنع عن الملازمة بين الوقف والإجارة، فإن الوقف يصح إجارته، ولا يصح وقفه، نعم كلما يصح إعارته يصح إجارته، والمنع من عدم إلزام الغاصب بالأجرة، ثم قال والتحقيق أن نقول إن كان لها منفعة مقصودة