الثالثة - قالوا: إذا اشترط في استيجار الأرض الغرس فيها والزرع معا فلا بد من تعيين مقدار كل واحد منهما.
أقول: والوجه في لزوم الشرط المذكور عموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء به، والوجه في وجوب التعيين في الزرع والغرس هو اشتراط العلم، وعدم الجهل الموجب للغرر لما علم من تفاوت ضرريهما، فإن الغرس أضر على الأرض وأفراد المغروسات، وكذا أفراد المزروعات متفاوتة في الضرر شدة وضعفا، وحينئذ فلا بد من تعيين أفرادها، وكذا لو استأجر لغرسين أو لزرعين، فإن الحنطة أضر من الشعير، والمغروسات تختلف باعتبار سريان العروق في الأرض، ونحو ذلك فلا بد من التعيين لما عرفت، قيل: واشتراطه في الإجارة ظاهر، كما إذا آجره الأرض للزراع والغرس.
وأما في المزارعة فبأن يكون شرط في المزارعة غرس أشجار له، كما نقل عن المحقق الثاني، وربما قيل: بأنه كما يجب التعيين في المتفاوتين في الضرر، يحتمل أيضا في غير المتفاوتين، خصوصا في المزارعة لما تقدم، من أن الغرض المطلوب منها الحصة، ومعلوم تفاوتها بتفاوت أفراد المزروعات.
قال في المسالك: ويمكن حمل الاطلاق على جعل كل واحد منهما في نصف الأرض، لأن المتبادر من لفظ الشريك التسوية كما في نظائره، ولأن مقتضى الإجارة لهما أن يكون المنفعة المطلوبة من كل واحد منهما نصف فضل الجميع بحسب التنصيف لئلا يلزم الترجيح من غير مرجح، وهذا هو الأقوى وحينئذ فلا يجب التعيين، انتهى.
وما ادعاه من أن المتبادر من لفظ الشريك التسوية، وأن اشتهر ذلك في كلام غيره أيضا، إلا أنه قد تقدم ضعفه، بل هو أعم مما ذكروه، وقوله أيضا فلا يجب التعيين، بناء على الفرض الذي ذكره محل اشكال، مع تفاوت أفراد المغروسات والمزروعات، فإنه مع فرض نصف تلك الأرض للغرس، والنصف الآخر للزرع