وثانيهما - قولهما في صورة ما إذا اشترطا الربح للعامل أنه قرض، فإن ظاهره المنع من الحكم بكونه قرضا بمجرد هذا الشرط، قال (رحمة الله عليه):
وكذا قوله: " كان المال قرضا ودينا " فإن القرض يحتاج إلى صيغة خاصة، وله أحكام خاصة، والمفروض عدم وجودها من المالك، فكيف يحكم بوجوده، وترتب أحكامه عليه، ولأن خروج المال عن ملك مالكه ودخوله في ملك آخر يحتاج إلى ناقل، وما وجد إلا نحو قوله: " اتجر فيه فيكون الربح لك " وغير معلوم كون هذا المقدار مملكا، باعتبار أن كون الربح له فرع كون المال له، فكأنه قال: المال لك بالعوض، فربحه لك، لأن الاكتفاء في خروج مال عن ملكه ودخوله في ملك آخر بمثله من غير دلالة شرع به مشكل، على أنه قد يكون العامل أو القائل جاهلا لا يعلم أنه لا يمكن كون المال باقيا على ملكه، وكون الربح للعامل، إذ يكون مقصوده اعطاء الربح للعامل، بعد إن كان له، وبالجملة إن وجد دليل مفيد لنقل الملك مع العوض يكون قرضا، وإلا فلا. انتهى.
وهو جيد أيضا، إلا أنه يمكن الجواب هنا بأنه ليس المراد ثبوت القرض وحصوله بمجرد هذا الاشتراك بل مع حصول القرض أولا بصيغته الدالة عليه، وإلا لورد ما قاله أيضا بالنسبة إلى القراض الذي هو محل البحث، فإنه لا بد فيه من صيغة خاصة عندهم، مع أن ظاهر هذا الكلام الاكتفاء بمجرد هذا الاشتراط، وهم لا يقولون به.
وبالجملة فالمراد إنما هو أن اشتراط الربح لهما معا إنما يكون في القراض، واشتراطه للعامل خاصة إنما يكون في القرض، وللمالك خاصة إنما يكون في البضاعة، وهذا لا يدل على حصول القراض بمجرد هذا الاشتراط كما يوهمه ظاهر الكلام المتقدم، ولا على حصول القرض كذلك (1).