وعدم الضرر بجهالة العوض كما قيل مثله في المزارعة والمساقاة، ومنع تبعية النماء للأصل.
أقول: وهذا الموضع أيضا مؤيد لما قدمنا ذكره في غير موضع من عدم وجوب الالتزام بقواعدهم، والوقوف عليها في مقابلة النصوص، فإن ما ذكروه هنا من القواعد المذكورة قد بنوا عليه الأحكام في جملة من المواضع، واحتجوا به في غير مقام، إلا أنه لما وردت النصوص هنا كما ترى على خلافها، وجب الخروج عنها بذلك، وحينئذ فالواجب هو الوقوف على النصوص حيثما وجدت.
الثانية: الظاهر أنه لا خلاف بينهم في أنه يشترط في الربح الشياع، بمعنى أن يكون كل جزء جزء منه مشتركا، لأنه مقتضى المضاربة كما تنادي به الأخبار المتقدمة من حكمها، بأن الربح بينهما، يعني كل جزء جزء منه، وما لم يكن مشتركا فإنه خارج عن مقتضاها، فهذا الشرط داخل في مفهوم المضاربة.
ويتفرع عليه صور، منها - أن يجعل لأحدهما شيئا معينا كعشرة دراهم مثلا، فإنه باطل اتفاقا، وكذا لو ضم إلى ذلك أن الباقي بينهما، ولأنه ربما لا يربح إلا ذلك القدر، فيلزم أن يختص به من شرط له، ويبقى الآخر بغير شئ مع أن الروايات المتقدمة قد اتفقت على أن الربح بينهما.
وبالجملة فإن عقد المضاربة يقتضي الاشتراك بينهما في كل ما يحصل من الربح بمقتضى الأخبار المذكورة، وهيهنا الربح ليس بينهما، سواء ضم إلى ذلك أن الباقي بينهما أم لا، بل الذي بينهما إنما هو بعضه على تقدير الزيادة، وجميعه على تقدير عدم الزيادة إنما هو لمن شرط له، فيبطل العقد البتة على كل من الصورتين ومنها أن يقول: خذه قراضا والربح لي، ووجه الفساد فيه أيضا ظاهر، لأن مقتضى القراض كما عرفت من النصوص واتفاق كلمة الأصحاب الاشتراك في