حيث كونهما أحد أفراد الذهب والفضة، ولا منافاة بينهما، ومن ذهب إلى التخصيص بالدراهم والدنانير نظر إلى أن ما دل على الذهب والفضة مطلق، وما دل على الدراهم والدنانير مقيد، ومقتضى القاعدة العمل بالمقيد، وتقييد المطلق به.
وأيده بعضهم بأن منفعة الدراهم والدنانير منحصرة في الاتلاف، فكانت مضمونة بالإعارة، وأما غير هما من المصوغ فإن له منفعة مع بقاء عينه، وهي التجمل ونحوه، ومن أجل ذلك توقف في المسألة جملة من الأصحاب منهم العلامة في التذكرة، وهو في محله لما عرفت من تعارض احتمال الجمع بين روايات المسألة، إلا أنه يمكن أن يقال أن نصوص هذه المسألة على أقسام ثلاثة:
منها ما هو مطلق في عدم الضمان من غير تقييد، كحسنة الحلبي (1) و صحيحة محمد بن مسلم (2) وصحيحة عبد الله بن سنان (3) وصحيحة الحلبي (4) ورواية مسعدة بن صدقة (5) فإن الجميع مشترك الدلالة في عدم الضمان في العارية من غير فرق بين كونها ذهبا أو فضة أو غيرهما.
ومنها ما دل على استثناء الذهب والفضة من هذا الحكم، وأنه يضمن إلا مع اشتراط العدم، وهو صحيح زرارة (6) وموثق إسحاق بن عمار (7).
ومنها ما دل على استثناء الدراهم والدنانير وهو خبر عبد الملك بن عمرو (8)، حيث ورد باستثناء الأول، وصحيح عبد الله بن سنان (9) حيث ورد باستثناء الثاني، والاستثناء في جميع هذه الأخبار إنما وقع من العموم الذي دلت عليه أخبار القسم الأول.
وحينئذ فيجب اخراج الدراهم والدنانير واستثناء هما على كل حال من ذلك العموم، لتصريح بعض الأخبار بهما بخصوصها ودخولهما في الذهب والفضة اللذين اشتمل عليهما البعض الآخر، بقي العموم فيما عداهما مع معارضته بمطلق