عن الرجل يحيل الرجل بالمال أيرجع عليه؟ قال: لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس قبل ذلك ".
وما رواه في التهذيب (1) عن عقبة بن جعفر عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يحيل الرجل بمال على الصير في ثم يتغير حال الصير في أيرجع على صاحبه إذا احتال ورضى فقال: لا " وهذه الأخبار كما ترى ظاهرة في نقل الحوالة وبرائة ذمة المحيل بعد الحوالة، للمنع من رجوع المحتال عليه معتضدة باتفاق الأصحاب على ذلك.
وبالجملة فإن كلا من الحوالة والبراءة موجب لخلو ذمة المحيل، فأيهما سبق كان الثاني لاغيا، لا أثر له.
وبه يظهر ما في الرواية المذكورة من الاشكال، ومخالفة القواعد الشرعية (2) وقد تأولها الأصحاب بتأويلات بعيدة، أقلها بعدا ما ذكره في المسالك، وهو أن الابراء في الخبر كناية عن قبول المحتال الحوالة، فمعنى قوله برئت من مالي عليك أني رضيت بالحوالة الموجبة للتحويل، فبرئت أنت فكنى عن الملزوم باللازم وهكذا القول في قوله: ولو لم يبرأه فله أن يرجع، لأن العقد بدون رضاه غير لازم، فله أن يرجع فيه.
ومذهب جمهور العامة في هذه المسألة موافق لمذهب أصحابنا في عدم التوقف على البراءة، ويمكن حملها على التقية، لا بهذا الاعتبار، بل باعتبار ما قدمناه في المقدمة الأولى من المقدمات المذكورة في صدر كتاب الطهارة من أنهم (صلوات الله عليهم) كثيرا ما يقصدون المخالفة في الأحكام تقية وإن لم يكن بها قائل من العامة محافظة على الشيعة لو اتفقوا على نقل الأحكام عنهم كما تقدم تحقيقه ثمة، فإن الخبر كما عرفت: فيه من الاشكال، ومخالفة القواعد المتفق عليها ما يمنع من العمل به.