وكذا يظهر لك ما في قوله أن الروايات مختلفة فيما لو ادعى المالك التفريط فأنكروا، فإن فيه أن روايات المسألة منحصرة في الأقسام الثلاثة التي ذكرناها، وليس في شئ منها ما يتضمن هذا الفرد الذي ذكره، وحينئذ فإن أراد بما ذكره روايات القسم الأول، وهو ما دل على وجوب الضمان على كل من أعطى الأجر ليصلح فأفسد، فقد تقدم أنها متفقة على هذا الحكم، وأنهم (عليهم السلام) جعلوه قاعدة كلية، ولا مخالف لها في شئ من الأخبار، وإن أراد أخبار القسم الثاني فهو قد أشار إليه في صدر كلامه، وذكر أن كون القول قولهم هو أشهر الروايتين.
وبالجملة فإن روايات القسم الثاني الدالة على أنه يضمن مع دعوى التلف دالة على الضمان، أعم من أن يكون بتفريط أو لا بتفريط، وأنه يجب الضمان إلا مع قيام أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، ثم إنه على تقدير القول بما اختاره من أن القول قول المستأجر بيمينه، لأنه أمين، فالكلام في اليمين هنا كما تقدم في الوديعة والعارية، من عدم وجود دليل على اليمين، بل ظاهر الأخبار وبه قال جملة من الأصحاب كما تقدم في الوديعة، أنه لا يمين، وإنما يقبل قوله من غير يمين، بل القول بذلك هنا أضعف لعدم وجود دليل دال على قبول قول المستأجر بالكلية، فضلا عن أن يضم إليه اليمين، بل الأخبار كلها بعد ضم بعضها إلى بعض متفقة على وجوب الضمان عليه، إلا مع قيام أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، وما ادعاه هو وغيره من أنه أمين فيترتب عليه قبول قوله في التلف ممنوع، إذ لا دليل عليه بل الدليل كما عرفت واضح في خلافه، لاتفاق الأخبار على تضمينه في التلف إلا مع قيام البينة، أو شهرة الأمر به، أو كونه مأمونا من دعوى الكذب، على أنه لو كان أمينا لقبلوا قوله في الرد، مع أنهم منعوا من قبوله كما عرفت، والله سبحانه العالم.
ومنها ما لو دفع إلى الخياط ثوبا فقطعه قباء مدعيا إذن المالك، فقال المالك إنما أمرتك بقطعه قميصا، وقد اختلف كلام الشيخ في ذلك، فقال في كتاب الوكالة من الخلاف: القول قول الخياط، وفي كتاب الإجارة منه: القول