أو جواز قلعه بالأرش جمعا بين الحقين - إنما يصح إذا دل دليل شرعي من كتاب أو سنة أو اجماع، بناء على قواعدهم، ولا شئ من هذه الثلاثة في المقام، فاللازم منه اثبات حكم بلا دليل، وهو مما منعت منه الآيات المتكاثرة، والروايات المتظافرة، ولو صح الرجوع في ذلك إلى العقل لأمكن ما ذكروه، لاندفاع الضرر من الجانبين والجمع بذلك بين الحقين، ولكن قد علم من الآيات القرآنية والسنة النبوية أنه لا يجوز بناء الأحكام الشرعية إلا على ما ظهر منهما من الأدلة الواضحة الجلية، والله العالم.
الحاق أقول: ما ورد في الخبر المتقدم من " أنه ليس لعرق ظالم حق " (1) قد ورد مثله من طريق العامة عنه (صلى الله عليه وآله) وهو محتمل لتنوين عرق، فيكون ظالم صفة له، وإضافة عرق فيكون ظالم مضافا إليه.
قال في النهاية الأثيرية (2) وفي حديث احياء الموات " ليس لعرق ظالم حق " هو أن يجيئ الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله، فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض والرواية لعرق بالتنوين وهو على حذف مضاف: أي لذي عرق ظالم، فجعل عرق نفسه ظالما والحق لصاحبه، أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق، وإن روي عرق ظالم بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق، والحق للعرق، وهو أحد عروق الشجرة انتهى.
الخامسة - قد صرحوا بأنه تصح المزارعة إذا كان من أحدهما الأرض حسب، ومن الآخر البذر، والعمل والعوامل، وكذا لو كان من أحدهما الأرض والبذر ومن الآخر العمل، أو كان من أحدهما الأرض والعمل، ومن الآخر البذر خاصة.