هذا فيما لو اشترطا التفاضل في القسمة مع اطلاق النصف الذي عيناه للعامل بمعنى أنه لم يعين نصيب كل منهما من ذلك النصف الذي جعلاه له، أما لو عيناه بأن قالا لك نصف الربح على أن يكون بالمناصفة بيننا، فيرجع إلى أنه قد جعل له كل واحد منهما ربع الربح، فإنه بهذا التعيين يخرج المسألة عما قلناه هنا من الخلاف، ويرجع الكلام في ذلك إلى ما تقدم في كتاب الشركة من اشتراط التفاوت في الربح مع تساوي المالين، وبالعكس وقد تقدم البحث في ذلك في المسألة الخامسة (1) من الفصل الأول من الكتاب والله العالم.
الحادية عشر - اختلف الأصحاب في ما لو اشترى العامل شيئا للقراض فتلف الثمن قبل دفعه البايع، قال الشيخ في الخلاف: إذا دفع إليه ألفا للقراض فاشترى به عبدا للقراض، فهلك الألف قبل أن يدفعه في ثمنه، اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب قال أبو حنيفة ومحمد: يكون المبيع لرب المال، وعليه أن يدفع إليه ألفا غير الأول، ليقضي به دينه، ويكون الأول والثاني قراضا وهما معا رأس المال، وقال مالك: رب المال بالخيار بأن يعطيه ألفا غير الأول ليقضي به الدين ويكون الألف الثاني رأس المال دون الأول، أو لا يدفع إليه شيئا، فيكون المبيع للعامل، والثمن عليه، ونقل البزنطي عن الشافعي أن المبيع للعامل، والثمن عليه، ولا شئ على رب المال، وهو اختيار أبي العباس، قال الشيخ: وهو الذي يقوى في نفسي لأنه لا يخلو إما أن يكون الألف تلف قبل الشراء، أو بعده، فإن كان تلف قبل الشراء وقع الشراء للعامل، لأنه اشتراه بعد زوال القراض، وإن كان التلف بعد الشراء فالبيع وقع لرب المال، وعليه أن يدفع الثمن من ماله الذي سلمه إليه، فإذا هلك المال فحول الملك إلى العامل، وكان الثمن عليه، لأن رب المال إنما فسح للعامل في التصرف في ألف إما أن يشتري به بعينه، أو في الذمة، وينقد عنه، ولم يدخل على أن يكون له في القراض أكثر منه.