أعتق من الاشكال، لما فيه من الضرر على المالك، فإنه قد يتعمد العبد الجناية على ما المالك، ويفرط فيه فيسرق لعلمه بأنه لا يؤاخذ به إلا بعد العتق، مع أنه قد لا يعتق بعد موت المالك، أو يكون فقيرا بعد العتق، وكيف يصح ارتكاب هذا الضرر، مع عدم وجود دليل عليه، والرواية ظاهرة الدلالة باطلاقها على ضمان المولى مطلقا، ويؤيدها أن المولى بوصفه عبده وإجارته لمثل هذه الأمور التي لا يحسنها في قوة المدلس، فيجب عليه الضمان.
وبالجملة فالظاهر هو الوقوف على ظاهر النص المذكور، كما ذكره الشيخ ومن تبعه، والخروج عنه بغير دليل شرعي سوى هذه التخريجات مشكل، والله سبحانه العالم.
الثاني: لو آجر السيد عبده ثم أعتقه فلا خلاف في صحة الإجارة والعتق، أما الإجارة فظاهر، لأن منافع العبد لمولاه حال ملكه، فيجوز له نقلها بالإجارة كمنفعة نفسه، فإنه يؤجر نفسه غيره، وأما العتق فكذلك أيضا، فإنه مالك لرقبته، والعتق مورده رقبة المملوك، والمنافع وإن كانت تابعة للرقبة إلا أنه قد سبق ملكها، أو ملك بعضها بعقد الإجارة، غاية الأمر أن العتق إنما صادف الرقبة دون منافع مدة الإجارة، فتزول السلطنة عن الرقبة، والمنافع التي لم تدخل تحت الإجارة، وهو مما لا خلاف ولا اشكال فيه.
وإنما الخلاف في أنه هل يرجع المملوك على مولاه بأجرة المثل عن تلك المدة التي آجره فيها أم لا؟ قال ابن إدريس ومثله الشيخ في المبسوط: إذا آجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح، وهل يرجع على السيد بأجرة المثل لما يلزمه من الخدمة بعد الحرية؟ قيل: فيه قولان: أحدهما يرجع بأجرة المثل في تلك المدة، والآخر لا يلزمه، وهو الصحيح، لأنه لا دليل عليه، والأصل براءة الذمة، وربما علل الرجوع بأن إزالة الرق يقتضي ملك العبد لمنفعته، فإذا سبق نقل المولى لها فاتت العين، فيرجع العبد على المولى بعوضها، وهو أجرة المثل، وضعفه ظاهر