فالجواب أن استحقاق الأجرة ليس باعتبار هذا الأمر بخصوصه بل بالنظر إليه وإلى غيره من المقدمات، كالسفر للتجارة، ونحو ذلك من الحركات والسكنات التي إنما أتى بها لذلك، ومع تسليم الانحصار في ما ذكر، فإنه إن كان من الأمور التي تثبت في مثلها أجرة المثل يثبت الأجرة، وإلا فكيف كان فالمسألة لا تخلو من شوب الاشكال، لعدم النص الواضح الذي ينقطع به مادة القيل والقال.
الثاني: أن يكون الشراء بغير إذن المالك، وحينئذ فإن وقع الشراء بعين المال، فالظاهر أن المشهور بطلانه، بناء على ما تقدم من منافاته للغرض الذاتي المطلوب من عقد القراض، بل اشتماله على الاتلاف المحض.
ورد ذلك بأن غايته التصرف في مال الغير بغير إذنه، ومقتضى ذلك هو كونه فضوليا فإن قلنا بصحة الفضولي فهو صحيح هنا، وإن وقف في اللزوم على إجازة المالك، هذا مع علمه بالنسب، وعلمه بالحكم، وأنه ينعتق عليه قهرا.
وأما مع جهله فإنه يحتمل كونه أيضا كذلك، لأن الإذن في هذا الباب إنما ينصرف إلى ما يمكن بيعه وتقليبه في التجارة للاسترباح، ولا يتناول غير ذلك، فلا يكون ما سواه مأذونا فيه: غاية ما في الباب أنه قد التبس الأمر على العامل هنا ظاهرا من حيث الجهل، وهو لا يقتضي الإذن، وإنما يقتضي عدم الإثم.
وبالجملة فالذي يترتب على الجهل إنما هو عدم الإثم والمؤاخذة، لا الصحة ويحتمل صحة البيع ويحكم بعتقه على المالك قهرا، ولا ضمان على العامل، لأن مقتضى عقد القراض شراء ما يترتب عليه الربح بحسب الظاهر، لا بحسب نفس الأمر، وهذا من حيث الجهل كذلك، وظهور كونه في نفس الأمر ليس كذلك لا يمنع من الصحة التي وقع عليها عقد الشراء، ويترتب عليها العتق لاستحالة توجه الخطاب إلى الغافل وإلا لزم التكليف بما لا يطاق.
وبالجملة فإن الأحكام الشرعية إنما تترتب على الظاهر لا على نفس الأمر والخطابات والتكليفات إنما تناط بما هو الظاهر في نظر المكلف من حل وتحريم