السادسة: لا خلاف بين الأصحاب فيما أعلم في أنه مع موت كل منهما تبطل المضاربة، لأن بالموت يخرج المال عن ملك المالك ويصير للورثة، فلا يجوز التصرف بالإذن الذي كان من المورث، بل لا بد من إذن الوارث، هذا مع موت المالك.
وأما مع موت العامل فلأن المأذون له في المضاربة كان هو العامل لا وارثه فلا يجوز لوارثه التصرف إلا بإذن جديد، وهو المراد من بطلان المضاربة هنا، ولأنها أيضا من العقود الجائزة فتبطل بما تبطل به من موت كل منهما أو جنونه أو اغمائه أو الحجر عليه للسفه.
ثم إن كان الميت هو المالك، فإن كان المال ناضا لا ربح فيه أخذه الوارث، وإن كان فيه ربح اقتسمه العامل مع الورثة، وتقدم حصة العامل على الغرماء، لو كان على الميت ديون مستوعبة لملكه لحصته من الربح، بظهوره، فكان شريكا للمالك، ولأن حقه متعلق بعين المال لا بذمة المالك، وإن كان المال عروضا فللعامل بيعه رجاء الربح، وإلا فلا، وللوارث إلزامه بالانضاض، وسيأتي تحقيق الكلام في ذلك أن شاء الله تعالى في مسألة الفسخ.
وإن كان الميت هو العامل، فإن كان المال ناضا ولا ربح أخذه المالك، وإن كان فيه ربح دفع إلى الورثة حصة مورثهم منه، ولو كان عروضا واحتيج إلى البيع والتنضيض فإن أذن المالك للوارث في ذلك جاز، وإلا عين له الحاكم أمينا يبيعه، فإن ظهر فيه ربح أوصل حصة الوارث إليه، وإلا سلم الجميع إلى المالك والله العالم.
المقصد الثاني في مال القراض:
والبحث يقع فيه في مواضع: الأول لا خلاف بين الأصحاب في أنه يشترط في مال القراض أن يكون عينا لا دينا وأن يكون دراهم أو دنانير، ونقل في