وبالجملة فإن الظاهر من كلامي الشيخ وابن إدريس يرجع إلى الاختلاف في كون المنفعة هنا مباحة أ غير مباحة، وابن إدريس يدعي الأول، والشيخ الثاني، نعم هذا الاختلاف إنما يتفرع على ما إذا كان التزويق داخل البيت، كما هو الغالب لا في جدرانه الخارجة في الطرق التي تراها جميع الناس، فينبغي تقييد محل النزاع بذلك، بناء على الغالب المتعارف، وتقييد اطلاق كلامهم بذلك، وكيف كان فالظاهر بناء على ما قلناه ترجيح كلام ابن إدريس فإن ما ذكره غرض صحيح لأرباب تلك الصناعة، والله سبحانه العالم.
السادس: أن يكون مقدورا على تسليمها، والكلام هنا يقع في مواضع:
الأول: لا ريب أن من شرط صحة الإجارة عندهم قدرة المؤجر على تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر، ولا ريب أيضا في اشتراط كون العين المستأجرة مقدورة الانتفاع في الجملة، ليمكن الانتفاع المطلوب إذ استيجار الغير المقدورة التي لا يمكن الانتفاع بالمطلوب منها سفه محض وغرر، ودل عليه العقل والنقل، فلو استأجر الأخرس للتعليم أو الأعمى لحفظ متاع بالبصر بطل، لما ذكرنا.
والظاهر كما تقدم ذكره في كتاب البيع عدم اشتراط كون تسليم المنفعة مقدورا للمؤجر، بل يكفي إمكان التسلم، فلو كان المستأجر قادرا على استيفاء المنفعة بأخذ العين من الغاصب بنفسه. أو معاون أو قادرا على تحصيل الآبق، فالظاهر جواز الاستيجار، ونحوه أيضا استيجار الغاصب للمغصوب الذي في يده، لحصول التسلم، والظاهر أنه يخرج عن الضمان والغاصبية بمجرد العقد، وأن الأظهر في الجميع صحة الإجارة، لعموم الأدلة والأصل عدم ثبوت مانع، ثم إنه فيما عدا صورة الغصب إن بذل الجهد في تسليمه ولم يمكن التسليم بطل الإجارة، لأن لزوم الأجرة موقوف على إمكان التسليم والتسلم، إلا أن قصر المستأجر مع القدرة، فيلزم العقد.
بقي الكلام في إجارة الآبق مع الضميمة، وقد تردد في ذلك جملة من