واللازم من ذلك أنه لا يجب على الودعي الدفع في صورة أمر المالك بالدفع، كما هو المفروض في كل من الموضعين، ولا ريب في بطلانه، وقوله في الكلام الأخير لأن قول المستودع مقبول في الرد إنما هو مسلم بالنسبة إلى دعواه الرد على المالك لما عرفت، بناء على القول المشهور.
وبالجملة فإن الظاهر عندي هو التدافع فيما ذكره في هذين الكلامين الثالث - ما ذكر من الضمان لو جحدها ثم قامت عليه البينة أو اعترف بها وعلل بأنه إنما كان الجحود موجبا للضمان، لأنه خيانة، حيث إنه بإنكاره يزعم أن يده عليها ليست نيابة عن المالك، فلا يكون أمينه، فيصير يده عليها يد ضمان لا يد وديعة وأمانة.
قالوا: ويعتبر في تحقيق الضمان بالجحود أمور: الأول - أن يكون بعد طلب المالك لها، فلو جحدها ابتداء أو عند سؤال غيره لم يضمن، لأن الوديعة مبنية على الاخفاء فانكاره بغير طلب يوجب الرد أقرب إلى الحفظ، ولو لم يطلبها المالك لكن سأله عنها فقال: لي عندك وديعة فجحد فلهم في الضمان قولان: أحدهما ما اختاره في التذكرة، وهو العدم، لأنه لم يمسكها لنفسه ولم يقر يده عليها بغير رضى المالك، حيث لم يطلبها، ومجرد السؤال لا يبطل الوديعة، ولا يرفع الأمانة.
وثانيها - ما اختاره الشيخ علي (رحمه الله) واستوجهه في المسالك من ثبوت الضمان، قال المحقق المذكور: لأن جحوده يقتضي كون يده ليست عن المالك لأن نفي الملزوم يقتضي نفي لازمه من حيث هو لازمه، فلا يكون أمينا عنه فيضمن.
الثاني - أن لا يظهر بجحوده عذرا بنسيان أو غلط أو نحوهما فإنه لا يضمن إن صدقه المالك على العذر وإلا ففي الضمان وجهان: واستقرب في التذكرة الضمان، ووجهه يعلم مما سبق.
وفي المسالك أن عدم الضمان لا يخلو من وجه.
الثالث - أن لا يكون الجحود لمصلحة الوديعة بأن يقصد به دفع ظالم أو