لو قال: كفلت لك فلانا أو أنا كفيل به، أو باحضاره، وفي حكم لفظ ذاته، لفظ نفسه وبدنه، لأن الجميع بمعنى واحد في العرف العام، وإن اختلفت تحقيقا في الحقيقة.
إنما الكلام في مثل لفظ الرأس والوجه، بأن يقول: كفلت لك برأسه - أو بوجهه، فظاهر جملة من الأصحاب كالعلامة والمحقق وغيرهما، بل الظاهر أنه المشهور بينهم صحة الكفالة، لأن هذين اللفظين مما يعبر بهما عن الجملة.
والحق بهما العلامة في التذكرة الكبد والقلب، وكل عضو لا تبقى الحياة بدونه، والجزء المشاع كالثلث والربع، قال: لأنه لا يمكن احضار المكفول إلا باحضاره كله، وتنظر في ذلك بعض محققي المتأخرين، قال: أما الأول فإن العضوين المذكورين وإن كانا قد يطلقان على الجملة، إلا أن اطلاقهما على أنفسهما خاصة أيضا شايع متعارف، إن لم يكن أشهر، وحمل اللفظ المحتمل للمعنيين على الوجه المصحح - مع الشك في حصول الشرط وأصالة البراءة من لوازم العقد غير واضح.
نعم لو صرح بإرادة الجملة من الجزء اتجهت الصحة، كإرادة أحد معنيي المشترك، كما أنه لو قصد الجزء بعينه لم يمكن الحكم بالجملة قطعا، بل كالجزء الذي لا يمكن الحياة بدونه، وبالجملة فالكلام عند الاطلاق وعدم قرينة تدل على أحدهما، فعند ذلك لا يصح تعليل الصحة بأنه قد يعبر بذلك عن الجملة.
وأما الثاني وهو الأجزاء التي لا يعيش بدونها وما في حكمها، فلأن احضاره وإن كان غير ممكن بدونها، إلا أن ذلك لا يقتضي صحة العقد، لأن المطلوب من الكفالة هو المجموع، أو ما يطلق عليه كما في السابق على تقدير ثبوته.
أما إذا تعلق ببعضه فلا دليل على صحته، وإن توقف احضار الجزء المكفول على الباقي لأن الكلام ليس في مجرد احضاره، بل في احضاره على وجه الكفالة الصحيحة، فوجوب احضار مالا يتعلق به الكفالة يترتب على صحة كفالة الجزء الذي تعلقت به، وذلك الجزء ليس هو المطلوب شرعا بل في الجملة، فلا يتم التعليل، ولا اثبات الأحكام الشرعية المتلقاة من الشرع بمثل هذه المناسبات،