إلى مالكها، فإنه لو ظهر غرم له إن لم يرض بالصدقة، فلا ضرر عليه، ثم قال - بعد نقل مذهب الشيخ المفيد -: والأجود التخيير بين الصدقة بها وابقائها أمانة، وليس له التملك بعد التعريف هنا، وإن جاز في اللقطة، وربما احتمل جوازه بناء على الرواية، فإنه جعلها فيه كاللقطة، وهو ضعيف، ويمكن أن يريد بها منزلته منزلة اللقطة في وجوب التعريف مطلقا، ولم يذكر من عمل بالرواية جواز التملك، انتهى.
ولا يخفى ما فيه من المدافعة للكلام الأول لدلالته على التملك، وجواز التصرف مع الضمان، وبيان الوجه في قوة ذلك، ودلالة هذا الكلام على عدم جواز التملك هنا وإن جاز في اللقطة، والمراد بجواز التملك حيث كان إنما هو مع الضمان، واحتمال العدول عما ذكر أولا، ولا سيما مع بيان الوجه في القول الأول والتصريح بالعلة وعدم التعرض لذلك في الثاني بعيد، ومقتضى هذا الكلام الأخير حدوث قول رابع في المسألة كما لا يخفى، وظاهره أن ذلك هو الحكم هنا وإن لم يعرفها بالكلية.
وقال في المسالك أيضا: وإنما يجب منع الغاصب منها مع إمكانه، فلو لم يقدر على ذلك سلمها إليه، وفي الضمان حينئذ نظر، والذي يقتضيه قواعد الغصب أن للمالك الرجوع على أيهما شاء، وإن كان قرار الضمان على الغاصب انتهى.
ولو مزج الغاصب الأمانة بماله وأودع الجميع فقد أطلق جمع منهم المحقق في الشرايع أنه إن أمكن الودعي تمييز المالين ميز هما ورد عليه ماله، ومنعه الآخر وإن لم يمكنه وجب رد الجميع على الغاصب، وعلل الوجوب هنا بأن منعه منهما يقتضي منعه من ماله، لأن الفرض عدم إمكان التمييز، ومنعه من ماله غير جائز.
واستشكله في المسالك بأن في الرد تسليطا للغاصب على مال غيره بغير حق، وهو غير جائز، ثم قوى الرد إلى الحاكم ليقسمه إن أمكن إلى آخر كلامه.
أقول: وهذا الفرع أيضا كغيره من الفروع المشكلة لعدم الدليل الواضح