اشكال في وجوب ردها إلى المالك، قال في التذكرة: فإن غاب المدفوع إليه في هذه الصورة كان للمالك أن يغرم المستودع، فإذا قدم الغائب أخذها المستودع وردها على المالك، واسترد البدل الذي دفعه، وهو ظاهر في التخيير بين الرجوع على الودعي والصبر إلى قدوم الغائب، إلا أنه مع الرجوع على الودعي فالحكم ما ذكره.
الثانية - الصورة المذكورة مع تلف العين، والحكم عندهم أنه يتخير المالك في الرجوع على من شاء منهما، وليس للغارم منهما أن يرجع على صاحبه، لزعمه أن المالك ظالم له في أخذ البدل منه، فلا يرجع به على غير من ظلمه.
الثالثة - أن ينكر القبض الذي ادعاه المستودع، وحينئذ فالقول قوله بيمينه مع عدم البينة، فيختص الغرم بالمستودع.
الخامسة - اختلف الأصحاب فيما لو أنكر الوديعة فأقام المالك البينة عليها فصدقها بعد الانكار إلا أنه ادعى التلف قبل إنكاره، فقيل: لا يسمع دعواه التلف، لأنه بإنكاره السابق مكذب لدعواه الأخيرة فلا تسمع لتناقض كلاميه، ولا يتوجه بها يمين عليه ولا على المدعى عليه، ولو أقام بينة أيضا فإنها لا تسمع بينته، لأنه مكذب لها ونقل هذا القول في المختلف عن الشيخ، وأيده بعضهم بأنه بإنكاره الوديعة يصير خائنا، فخرج عن الأمانة وصار ضامنا.
وقيل: أنه إذا قال المودع: ما أودعتني شيئا ثم اعترف بالوديعة وادعى هلاكها لم يضمن إذا حلف، لأن انكاره يجوز أن يكون عن سهو ونسيان لها، ونقله في المختلف عن ابن الجنيد، وهو ظاهر في قبول قوله مع عدم البينة.
وذهب العلامة في المختلف إلى ما قدمنا نقله عن الشيخ من أنه لا تسمع دعواه وإن أقام بينة، لأنه مكذب لدعواه الهلاك بإنكاره الوديعة، إلا أنه قال:
لو طلب احلاف الغريم فله ذلك، وفيه كما ترى دلالة على نوع من سماع دعواه، فإن ظاهر مذهب الشيخ أنه يجب عليه الضمان مطلقا.